الحياة أجمل مما نتصور، ولا يمكن تصويرها بشكل سوداوي من فئة معينة. حتى الفقراء لديهم جمال في حياتهم ومعاناتهم مع قدر الحياة. حتى المظلومون في الأرض لهم مع ظلمهم جمال في تجربة جور الإنسان وانعدام العدل داخل ضمير الخصم.. حتى السواد فيه جمال، سواد الأشياء سلباً فيه جمال، لكننا نريد تصوير الحياة على أنها سلسلة أحزان متوالية. ألا يحق لنا أن نفرح؟
السلبية الموجودة في دواخلنا جعلت الاختلاف الذي هو رحمة يتحول إلى زحمة متصارعِين مختلفين لا يريدون الاجتماع أبداً حول أي موضوع. السلبية هي التي تجعلنا ننظر إلى أي حل على أنه سخرية بالمواطن، وإلى كل استجابة لنداء الشعب على أنها "تسكيت".. يمكننا النظر إلى الأشياء بشكل أجمل، والمساعدة في الحل والعلاج والتنمية بدلاً من النقد المتواصل وعدم المساعدة في الحل والعمل. السلبية تجعلنا نفكر أننا ضحية، وإذا تخلصنا منها نستطيع أن نفكر بالمصلحة العامة والإنتاج، بدلاً من البحث عن الزلات فقط، لكنها الطبيعة البشرية العاشقة للرصد والنقد. وكلنا نقع في هذا الخطأ. نرفض البحث عن الزلات، لكننا نبحث عنها ونرصدها ونتحدث عنها، لأنها السلبية الكامنة الباحثة عن الخلل.
والسلبية هي التي تزرع فينا أن الثناء على المسؤول أو المشروع "تطبيل"، وأن النقد الجارح هو الحل للوصول إلى "البطولة" بدلاً من "التطبيل". لا أحد يعرف الحقيقة، ولا أحد يعرف ما هو الحق أو الإيجابي سوى المجهول، وتبقى السلبية أبية ورافضة لكل ثناء ومديح، لكنها إيجابية. السلبية إيجابية بشكل يجعلنا ننظر إلى آخرين معنا يشاركوننا الأشياء بمنظور آخر.. بمنظور يجعلنا نفكر بشكل متزن، وإن حاد عن الصواب أحياناً.
هي طبيعة البشر، وهي طبيعة السلبية والإيجابية، ولا ندري إلى أي الفريقين ننتمي، لكن الفرد يحاول تنزيه نفسه دائماً، ولذا سيكون إيجابياً ولو بسلبية.