"الحاجة" والهرب من الفقر ومزاولة المهنة التي تدعمها الهواية، كلها عوامل تجعل سيدات الأسر المنتجة في نجران مصرات على مواصلة الكد رغم المعوقات التي فرضت عليهن أحياناً، ورغم أن العائد المادي لا يناسب الجهد، وقلة الدعم الذي يطمحن إليه، فقد تغلبت العائلات على معضلة "العيب" في عمل المرأة، وانطلقن بمنتجاتهن محاولات تسويقها خارج محيط نجران ووصلن بها إلى الطائف والجنادرية.

توحدت مطالبهن أثناء حديثهن إلى "الوطن" بتوفير معرض دائم لعرض وبيع منتجاتهن يحفظ خصوصياتهن كسيدات، ويجنب أعمالهن من التلف أثناء التنقل من مكان لآخر، ليتمكن من إعالة أسرهن.


تحرر من "عيب الاسم"

ما يمز نساء الأسر المنتجة عن غيرهن هو الافتخار بأسمائهن وعدم ممانعتهن من ذكرها كاملة، مخالفات العرف السائد، وتقول فاطمة صالح غراب الصقور التي صرحت باسمها الرباعي لـ"الوطن" عندما عرفت بإنتاجها وتقول عنه "يُعنى بتنفيذ المجسمات التراثية" وتضيف "وأعمل في هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات، لأساعد زوجي المتقاعد في إعالة أبنائنا الثمانية".

وتشير الصقور إلى أنها لم تلتحق بالأسر المنتجة إلا منذ شهر، وتقول "المعاناة تكمن في نقل الأعمال من مهرجان إلى آخر، وكذلك صعوبة توصيل الأعمال إلى المحلات أو المدارس والكليات".


معرض للأسر المنتجة

من جانبها، طالبت تركية خميس بتوفير معرض دائم تبيع فيه الأسر المنتجة أعمالها، وقالت "التحقت بالبرنامج منذ شهر، كحرفية وأعتبر نفسي مع زميلاتي مساهمات في إبراز تراث ومصنوعات منطقة نجران ونأمل أن يكون هناك معرض نبيع فيه منتجاتنا".

أما "أم سالم" وهي سيدة بلغت الستين (مطلقة تعول 5 أبناء) فقد قالت "أبيع المستلزمات النسائية مثل الحناء والعطور والبهارات والزيوت رغم قلة العائد"، وتضيف "وألجأ في العادة للاستدانة لشراء البضاعة وأبيعها بأقل الأسعار، وقد التحقت بالأسر المنتجة منذ تسعة أشهر لعل العائد من عملي يتحسن ولكن إلى الآن لم يتم دعمي من أية جهة، وأشعر أنا وزميلاتي بصعوبة في العمل لعدم توفر مكان مناسب للبيع".

وهو ما اتفقت معهن فيه، رحمة بخيت آل حرمان التي تبيع المداهن والمطارح المختلفة المصنوعة من القش والسعف وقد أشادت بفكرة الالتحاق بالأسر المنتجة مطالبة كباقي زميلاتها بما يحفظ خصوصياتهن كسيدات.





قلة الدورات والخبرة

إلى ذلك، توضح منسقة الأسر المنتجة بنجران صفية خيري الصقور أن عدد الملتحقات ببرنامج الأسر المنتجة 34 حرفية وبائعة، وتضيف "إن العدد في تزايد مستمر ولكننا نحتاج لسيدات لديهن مهن يدوية متميزة وجديدة كالحرق على الجلد وغيرها من الأعمال".

وتضيف الصقور "المبنى الخاص لعرض المنتجات مطلب أساسي لنا لحفظ خصوصياتنا كسيدات ويحفظ أعمالنا التي تكسرت وتلفت من كثرة التنقلات"، وتعترف الصقور بالاستفادة من الالتحاق بالأسر وتشجع في الوقت نفسه على الالتحاق بالبرنامج.


دعم مشاريع الأسر المنتجة

من جانبه، أوضح رئيس مجلس التدريب التقني والمهني عامر بن أحمد آل محسن أنه صدرت توجيهات محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور علي الغفيص إلى جميع الإدارات ومجالس التدريب التقني والمهني والوحدات بكافة المناطق بضرورة دعم مشاريع الأسر المنتجة، ومنها المتخصص في مجال إعداد الأطعمة والتجهيز للمناسبات، من حيث تأمين متطلبات المناسبات التي تقوم بتنظيمها الوحدات التدريبية بالمملكة التابعة للمؤسسة من إنتاج الأسر في المنطقة أو المدينة والمرخص لها من الجهات الحكومية المختصة والتي تقع فيها الوحدة التدريبية، كما أشار إلى وجود اتفاقية دعم وتأهيل وتدريب مع وزارة الشؤون الاجتماعية لدعم الأسر المنتجة.


الضمان يدعم 30 أسرة منتجة

إلى ذلك، قال مدير عام الضمان الاجتماعي بمنطقة نجران عبدالعزيز بن سعيد آل خميس إن هناك 30 حالة تحت الإجراء والتنفيذ وسيتم افتتاح مشاريع لتلك الأسر، مشيرا إلى أن هناك 7 حالات أخرى تم افتتاح مشاريع لهن تمثلت في محل كوافيرة ومحلات مكسرات وأسواق شعبية، كما أقام الضمان بنجران الملتقى الأول للأسر المنتجة خلال إجازة الربيع الماضية على مدى أسبوع كامل وشهد العديد من الزوار من داخل وخارج المنطقة وشهد مشاركة 18 أسرة منتجة.


تذليل الصعوبات

عميدة المعهد العالي التقني للبنات بنجران أسماء بنت عبدالله الحكمي قالت "إن المعهد يقوم باستضافة أكثر من 20 أسرة منتجة طيلة الأسبوع لعرض أنشطة الأسر المنتجة لمتدربات المعهد"، مشيرة إلى أن الهدف من استضافة الأسر المنتجة هو دعمهن ورفع مستواهن المادي والعمل على تعريف المتدربات بهن ومساعدتهن على بيع وترويج أعمالهن، بالإضافة إلى "تشجيعهن على المبادرات الفردية في إقامة مشاريع تجارية وتوفير فرص عمل للأسر المنتجة والمحتاجة في نفس الوقت".


مشاركة في المهرجانات

وأوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة نجران صالح محمد آل مريح أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تقوم بدعم الأسر المنتجة من خلال المعارض والمهرجانات والفعاليات التي تقام في العديد من المناطق وذلك لدعم تلك الفئة الهامة في المجتمع والوصول إلى اليد الماهرة المدربة في مجال إتقان الحرف اليدوية وتدريب أصحاب الحرف على زيادة وإتقان تلك المهن التي تعتبر داعما هاما لدخل الفرد والمجتمع في كافة مناطق ومحافظات المملكة.


القطاع الخاص مشارك في الدعم

من جانبه أشار مدير شركة وردة الصحراء العربية مانع ناصر منصور إلى أن من مهام القطاع الخاص المساعدة في تسويق منتجات الأسر المنتجة، وأضاف "نحن ندرب الأسر على طريقة البيع والاستفادة من هذه المنتجات وتطويرها لتصبح منتجا تذكاريا يقدم كهدايا لاقتنائها، وإيجاد منصات ومنافذ بيع لترويج منتجاتهن".