نجحت عمليات التجميل التي تجريها بعض النساء في تغيير ملامحهن إلى صورة قد ترضيهن على الأقل مما دفع البعض إلى المخاطرة بإجرائها غير آبهات بآثارها السلبية في بعض الأحيان، لكن هل تصلح تلك العمليات في إخفاء الندبات والتجاعيد الظاهرة على وجه "جدة" عروس البحر الأحمر، لا سيما أنها كثرت وتحتاج لفريق طبي متكامل، على الرغم من كثرة الإصلاحات التي تشهدها شوارعها وميادينها.
فما إن يسير المتسوقون في أسواق كورنيش جدة بمنطقة البلد إلا وتفاجئهم رائحة السمك التي تزكم أنوفهم حتى أصبحت معلما من المعالم التي أدمنها المتسوقون.
وحينما يتساءل أحد عن المصدر يبادره آخر بأنها من سوق السمك المركزية، التي تبعد مئات الأمتار إلا أن رائحتها تعد وسيلة من وسائل الإعلام بها، فما عليك إلا أن تتبع الرائحة حتى تصل إليها.
ولطالما حلم أهل جدة بسوق سمك تكون معلما حضاريا لمدينتهم، ربما تصلح لاصطحاب العائلة وقضاء وقت ممتع فيها يتناولون وجبة سمك طازجة، مع وجود حديقة للأطفال وأماكن للتنزه على البحر، لكن هيهات، فالأمل الكبير يذوب جليده على أرض الواقع، فما إن تدلف إلى سوق السمك المركزية إلا وتقابلك مشكلة البحث عن موقف للسيارة خاصة في أيام الإجازات، إضافة إلى النفايات المتناثرة هنا وهناك، ومراكب الصيد المتهالكة والمصطفة كأنها تنتظر رصاصة الرحمة لتتوارى عن الأنظار، فضلا عن الباعة الجائلين الذين يحاصرونك ببضائعهم مجهولة المصدر. وتجذب انتباهك لافتة للسوق أكل عليها الدهر وشرب، لا عليك.. المهم أن تصل إلى مرادك وهو الحصول على سمك طازج بسعر مناسب.
فما إن تدخل باب السوق حتى تجد مبنى لمطعم لا يتناسب مع سوق مركزية تقدم خدمة تجهيز السمك للمتسوقين بأسعار تفوق في بعض الأحيان المطاعم الأخرى داخل المدينة، وكأنك في متنزه سياحي، هذا طبعا والرائحة تزداد شيئا فشيئا حتى تجد بينك وبينها تناغما، لكن إن كنت تصطحب أسرتك فستكون في موضع اللوم منهم لأن المياه الموجودة في أرضية السوق ستطال ملابسك وملابسهم.
سيطرة العمالة المقيمة
لكن الهدف يستحق التضحية وهو الحصول على سمك طازج بسعر مناسب كما قلنا. نعم يوجد سمك معروض على بسطات لكنها تفتقد في كثير من الأحيان لشروط السلامة الصحية، فهو معروض في الهواء الطلق صيفا وشتاء، وبعض الباعة لا يلتزمون بالشروط الصحية سواء في مظهرهم العام أو الحرص على نظافة المكان، فضلا عن عدم وجود دليل أو أشخاص تابعين للأمانة يرشدون الناس إلى كيفية التعرف على الأسماك الصالحة مما يجعل المتسوقين فريسة سهلة للبائعين.
ومما يشد الانتباه، سيطرة العمالة المقيمة على السوق وغياب أو تغييب السعوديين عن المشهد، مما يجعلك تحس بأنك خارج المملكة، حيث لفت كل من عبدالله جمال وأحمد الرابغي، بائعان بالسوق، إلى سيطرة العمالة المقيمة على بسطات الأسماك داخل السوق، مرجعين ذلك إلى اعتماد أصحاب البسطات من السعوديين عليهم في البيع والشراء منوهين إلى ارتكابهم مخالفات عدة منها خلط الأسماك الطازجة بأخرى تم صيدها في أوقات سابقة وبيعها للمستهلكين بأسعار مرتفعة، إضافة إلى التحكم في فرض أسعار معينة، مؤكدين على غياب الرقابة في السوق.
من جانبه، أبدى محمد فالح القرني أحد المتسوقين استغرابه من انتشار النفايات في أجزاء متفرقة من السوق، مستنكرا إدعاء موظفي الأمانة بمراقبة الأسواق لضبط العمالة المخالفة التي لا تترك فرصة لعمل الشباب السعودي كبائعين داخل أسواق الأسماك.
مشروع تطويري للسوق
توجهنا لمدير عام المسالخ وأسواق النفع العام بأمانة جدة الدكتور ناصر الجار الله علنا نجد ردا شافيا على ما لاحظناه في السوق، فأشار إلى أن الأمانة تسعى بالتعاون مع الإدارة العامة للاستثمار لطرح مشروع تطويري لتحسين السوق، مفيدا بأن التطوير سيشمل أماكن عرض وبيع الأسماك وحراج السمك بطرق جديدة، وذلك عبر زيادة مساحة السوق، مشيرا إلى أن أسعار الأسماك داخل السوق تخضع لمقياس العرض والطلب.
وفيما يخص انتشار العمالة المخالفة في السوق لفت إلى صعوبة ضبطهم في أسواق النفع العام المفتوحة، مشيرا إلى أنها تمارس طرقا مختلفة للتضليل، حيث تقوم بأساليب مبتكرة للهروب من الجهات الرقابية، ومنها التسلل إلى وسط السوق باعتبارهم متسوقين ومن ثم البحث عن فرصة عمل كبائعين، وهو سلوك قد يوقع أصحاب البسطات تحت طائلة المسؤولية وفرض غرامات مالية حسب اللوائح التي وضعتها الأمانة.