إذا أردنا التعرف على وعي الشعوب العربية صحيا، ومتابعتهم لما يتعلق بالأمور الصحية الحياتية، لا بد من المقارنة بين الخطاب الموجه إلى المشاهدين على القنوات الغربية وطريقة تفاعلهم معه، وبين مثيله أو النسخ العربية منه التي تعرض على قنواتنا العربية، وطريقة تفاعل الجمهور معها، إما بالسؤال عن بعض الأمور ميدانيا، أو عن طريق تواصل المشاهدين معها بأي طريقة من طرق التواصل.

فالبرامج الصحية العربية تتداول غالبا نفس المعلومات المسطحة عن الصحة والرعاية الصحية والأمراض بعرض تقليدي ممل لا يتجاوز استضافة المختصين والحديث النظري عن هذا المرض أو ذاك، ويتناول الحديث غالبا، أمراض الضغط والسكر والإنفلونزا أو فوائد الخضار والفاكهة وأهمية الرضاعة الطبيعية، وغيرها من المعلومات التي تكررها طوال عشرات السنين بذات الطريقة التي لم توجد المعرفة عند المشاهد حتى الآن.. ولعل هذا الأمر طبيعيا بالقياس إلى المعلومات التثقيفية التوعوية اليسيرة التي تضخها هذه البرامج للمشاهد العربي.

بينما لو تأملنا البرامج الصحية التثقيفية الغربية مثل البرنامج الأميركي الشهير (د. Oz) أو (The Doctors) نجد الفارق الجوهري في نوع المعلومة المقدم حيث العمق والندرة والتعدد وطريقة العرض التعليمية المشوقة التي تقرّب أصعب المعلومات الطبية لذهن المشاهد العادي، فيتنوع الحديث ليصل إلى مساحات بعيدة طبيا لا تجرؤ البرامج العربية القائمة على سياسة (الجمهور عاوز كده) على الدخول إليها، لمعرفتها المسبقة بأنها لم تصنع لهذا الجمهور أساسا طبيا قويا يؤهله لتلقي المعلومات التي يتلقاها نظيره الأميركي، مثل إمكانية التناقش حول أثر الوراثة في الإصابة بالأمراض الخبيثة.. الغدد ودورها في جسم الإنسان.. كيفية اكتشاف الإصابة بمرض ما. وحتى لوتناولت هذه البرامج الحديث عن معلومات تقليدية فهي تتحدث عن آخر الاكتشافات والعلاجات التي توصل لها العلماء في كل بقاع الأرض فيما يتعلق بهذا المرض أو ذاك، ولا تتناول أبجديات المرض الأولى.