منذ القدم، ارتبطت الألحان والأهازيج والأغاني بالتعبير عن أفراح الشعوب وأتراحها، - ولعبت الأغنية الوطنية - على سبيل المثال - دورا في تنمية الشعور بالمواطنة.

على المستوى العربي، كان الحضور المصري - في الأغاني الوطنية - هو الأقوى والأكثر انتشارا، ووثق عمالقة الفن المصري - بالأغنيات - تاريخا طويلا من النضال والنكسات والانتصارات، واستطاع فنانون كـ"عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب"، وقبلهم الرائد سيد درويش وغيرهم أن يوحدوا قلوب العرب، حول أم الدنيا وقضاياها.

وعندما تذكر الأغنية الوطنية السعودية، فلا يمكننا إغفال الدور البارز الذي لعبه قطبا الفن السعودي طلال مداح ومحمد عبده، ومجهوداتهما المبذولة في هذا السياق، ويحسب للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) دعمه المتواصل لتكريس هذا الجانب كل عام، من خلال أوبريتات خالدة لا تكاد تغيب عن ذائقة وذاكرة أي سعودي.

ورغم كل ذلك، يمكن القول إن الإرث الثقافي والتاريخي الكبير الذي يزخر به الوطن، يستحق جهد أكبر للنهوض بالأغاني الوطنية، التي أصبح الاهتمام بها في الفترة الأخيرة مقتصرا على المناسبات، ولم تعد هناك أعمال فنية تحرك الوجدان وتشعل العواطف بالشكل المطلوب، كما كانت في الماضي، وغابت عنا أعمال مثل "وطني الحبيب"، بلادي بلادي منار الهدى"، و"نعم.. نحن الحجاز ونحن نجد"، و"فوق هام السحب".

كما أن لإبراز الفلكلور الشعبي للمناطق العريق دورا كبيرا في تعريف الأجيال الجديدة بالكامن الثقافي من موروث أجدادهم، وهذا ولا شك يضعهم في عناق حميم مع تاريخ وطنهم عبر جسر المواويل والـ"يامال" والمجس الحجازي الأنيق، والطرق الجنوبي الذي يتغلغل في الوجدان، وغير ذلك من فنون تتعالق مع المكان وإنسانه.

كل تلك المنظومة التراثية تتضافر بصورة أو بأخرى مع ما تؤديه الأغنية الوطنية من دور، مستمدة منها قوامها الفني، هنا يمكن اقتراح مهرجانات فنية تكرس للفلكلور وتستدعيه من أدراج الماضي.