وأخيراً، وصل رجل الأعمال السعودي، صالح الدريبي، إلى وسائل الإعلام الأجنبية كي يعرض قضية الآلاف الذين سحبهم إلى ورطته في مشاريع جوهرة الشرق وجزر البندقية. وأنا هنا وبالحرف الصريح لا أحمل موقفاً مع أو ضد هذه القضية، ولا أحكم ببراءة أو نزاهة أي طرف، لأنني وبالفعل، أجهل كل تفاصيل القصة وتطوراتها المختلفة.

كل ما شاهدته من الحلقات ليس إلا تمثيلية لمن يعرف قواعد ومنطلقات بعض العمل الإعلامي، وبعض وسائط الإعلام لن تتردد في تأجير المساحة، وكل شيء فيها متاح بالقطعة والساعة. وكنت سأتجنب الكتابة عن هذه القصة الشائكة التي تمس بالطبع حياة مئات المساهمين عطفاً على قصوري في الإلمام بالتفاصيل، غير أنني سأكتب لا فيما أجهل، بل فيما سمعت من خلال المتابعة. ودعك عن تهم رجل الأعمال لكثير من الرموز والمشايخ وأصحاب الفضيلة من القضاة، فهم أولى مني بالدفاع عن أنفسهم، ولكنني سأقف بحزم عندما يقول صالح الدريبي بالحرف (إن كل مساهم معه في هذه – الجزر – مؤهل ومرشح لأن يكون – أبوعزيزي- جديدا إذا لم تحل قضيتهم). وهنا أعتقد جازماً أن عليه إعادة ترتيب الكلمات، لأن الأمن الوطني الشامل أكثر قداسة وهيبة من جرجرة الأفراد إلى هذا التشويه المتعمد بقراراتهم الشخصية، مثلما يجب أن يكون هذا الأمن أكثر احتراماً من بيعه سلعة رخيصة في مساحة مستأجرة.

أولاً، ومع افتراض أن في قضية الدريبي شيئا من الحقيقة في لواحق التفاصيل وفي التداعيات، ولكن ما هو الأصل والجوهر؟ لماذا لا يتكرم علينا رجل الأعمال بإبراز التصريح والفسح القانوني الذي سمح له أن يستقبل مئات الملايين من الريالات من المساهمين؟، وأين هي أوراق الوثائق القانونية من الجهات الرسمية التي سمحت له أن يستقطب هذه الأموال؟ ما هو الختم القانوني؟ وما هي التواقيع الإدارية التي رخصت له أن يبدأ مهرجان هذا الاستقطاب الملاييني؟ ولماذا يبتدئ الدريبي، وغيره من العشرات، هذا البازار دون الورقة الأولى من موافقة الجهات الرسمية المختلفة؟

ثانياً، لماذا لا يتحمل المساهم مع الدريبي أو مع غيره، مسؤولية قراره بإقدامه الحر الفردي المستقل على إيداع أمواله في ورطات مساهمات لا تحمل في الأصل أي تصريح أو فسح قانوني؟ ولماذا لا تقف - بالشكل المطلوب- السلطات المختلفة المسؤولة عن مثل هذه المهازل في كل تمثيليات ومسلسلات هذه المساهمات الوهمية وقفة حازمة؟

أما – أبوعزيزي – فهو قصة مختلفة لا يجوز معها القياس، ولا تحتمل تطابق الظروف، ولا يمكن اعتساف حيثياتها كي تكون مدخل تهديد بعد الورطة عبر مساحة إعلانية مستأجرة.