لا أحد يعرف تحديدا ما الذي حدث. فقبل يومين من انتهاء فترة مرحلة التسجيل في قيد الانتخابات البلدية المقبلة، نشبت مواجهة بين فريقين ظلا طوال الأيام الماضية يغازلان بعضهما بالكلام تارة، وباللقاءات من وراء "تويتر" تارة أخرى.
حتى وعند تبنيهم مع بدء قيد الناخبين، موقفين متضادين حول الانتخابات البلدية (شباب المقاطعة وشباب المشاركة)، فإن مواجهتهم كانت تتسم وقتها بالمناورات، بعكس ما آل إليه الحال وتحديدا الثلاثاء الماضي، حين بدا الانقسام واضحا لمن كان يكتب في "تويتر".
كان كل فريق يسارع، وبالدقيقة، على التأكيد حول موقفه من الانتخابات. ويدعو من حوله إلى الاصطفاف معه، ويوجه كلمتين لمزا وغمزا إلى الفريق الآخر.
"نشارك.. أو لا".. كان جمهور المواجهة يسأل، وليس ثمة من يجيبه بإقناع. كل ذلك وسط تراشق بالتهم تارة، واستمتاع بعض أتباع الفريقين بتوجيه الكلمات اللاذعة ضمنا، وهم يكتبون تدوينات الـ140 حرفا في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
"الشيء الإيجابي أن قرار شباب المقاطعة أو المشاركة ينطلق من تحليل ونقاش وحوار شبابي في الأصل وهذا بحد ذاته شيء مطلوب" هذا ما خلص إليه المدون فؤاد الفرحان بعد حوارات طويلة مع المقاطعين للانتخابات.
نحذركم.. لا تشاركوا
أعلن شباب المقاطعة موقفهم رسميا من الانتخابات البلدية المقبلة، على موقع إلكتروني في الأول من مايو الجاري. كانوا يتحدثون في "تويتر" وقبل بدء قيد الناخبين، عن نوايا فعلية لتسجيل موقفهم. لكنهم تأخروا حتى بدأت مرحلة القيد بأيام.
وكأنهم أرادوا التأكد من أن صلاحيات أعضاء المجالس البلدية، ستبقى بحالها، وأن المرأة مستبعدة من المشاركة، انتخابا وترشيحا، إضافة إلى أن الانتخاب لا يتجاوز نصف أعضاء المجلس البلدي الواحد. وكل ما أرادوه تبريرا جاءهم مؤكدا من رئيس اللجنة العامة للانتخابات عبدالرحمن الدهمش.
لأسبوعين لم تكن هنالك مقاطعة فاعلة على "تويتر" أو في الجوار على "فيس بوك". فجأة ومنذ الثلاثاء الماضي، أي قبل يومين من انتهاء مرحلة التسجيل، بدأ المقاطعون يخوضون ما أسموه المرحلة الحاسمة في مواجهة المشاركين بشكل عام في الانتخابات.
أرسل المذيع، مقدم البرامج في قناة الجزيرة علي الظفيري لمتابعيه في "تويتر"، تدوينته في أقل من 140 حرفا وبلغة حازمة: قاطع، سجل موقفك، اجعل الامتناع صوتك.. هذه المرة الوحيدة التي يحق لك فيها صوتا حقيقيا.
كان الظفيري يبدأ صباحا ويواصل مساءه، وحيث يعمل في قطر، بتدوينة أو إعادة نشر اثنتين لأصدقائه للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات وتسجيل موقف". عفوا، أحتاج إلى ورقة بيضاء أضع فيها صوتي وصوت أولادي وأصدقائي وتليق بهذا الوطن الجميل، يعبر الظفيري عن موقفه.
إلى جواره وفي مواجهة "شباب المشاركة" ينشط العشرات أبرزهم المدون عصام الزامل الذي أعلنها صريحة في غير مرة: إذا كان التصويت في الانتخابات البلدية الأولى غير مفيد، فالتصويت في الثانية ضار.
في حين يكتب آخر تحت مسمى "مقاطعة الانتخابات": كمية الرسائل النصية التي ترسلها لجنة الانتخابات البلدية تؤكد لي أن حملات المقاطعة لها أثر ملموس.
شاركوا لتصنعوا
"شباب المشاركة" الذين أسسوا لأنفسهم مبادرة بدأت من جدة وانتقلت إلى عدد من مدن المملكة، بغية استثمار الانتخابات في التحسين من مستوى مدنهم وأحيائهم، بدوا نشطين في توجيه الدعوة والنزول فعليا من "تويتر" إلى الميدان لجلب الاهتمام إلى حملتهم.
وسريعا بدأت حملة شباب جدة الانتخابية لمرشحين لم يسموهم بعد، وقبل أن تبدأ مرحلة الحملات الانتخابية باستعراض أعمال متطوعي جدة وحث الشباب على إكمال المهمة بدعم المجلس البلدي وصولا إلى تحسين مدينتهم.
يقول فؤاد الفرحان في "تويتر" ردا على شباب المقاطعة: اندماج الشباب بالأهالي على مستوى الأحياء في مدنهم وبناء العلاقات معهم إضافة إلى تبادل الاهتمام حول المدينة ومستقبلها وحقوقنا هو هدف مشروع".
وعلى ما يبدو، فلقد نجح الداعون إلى المشاركة في إقناع بعض المقاطعين عن فكرتهم ولو جزيئا، وبدا ذلك حين دون الكاتب الصحفي أيمن الجعفري أمس، وهو من أوائل الموقعين على إعلان المقاطعة في 1 مايو: فكرة المقاطعة فكرة نبيلة، ومبادرة شباب جدة حدث نبيل، ولا يوجد في التسلسل الزمني ما يمنع حدوثهما سويا على الإطلاق.
وكان الجعفري من أوائل الشباب المقاطعين والمشاركين في الانتخابات البلدية.. في آن معا، لذلك كفوا عن الشجار الطفولي، ولنتعلم النقاش سويا وبشكل مختلف، حتى لا ندع الفرصة لهم ليقولوا: هؤلاء الحمقى لا يصلحون لأي شيء.
أما الفرحان فيعود ليؤكد: المقاطعة سهلة جدا، أما التسجيل والثقة في همة الشباب ومنظورهم الجديد فهو أمر يستحق التمعن.
أخبار وتثاؤب نساء
بذكاء ظل المدير الإقليمي لقناة العربية في السعودية خالد المطرفي يمرر نسب المشاركة في قيد الناخبين، ويعلن عن إغلاق مراكز انتخابية في الرياض لاكتفائها، وعن زيادة ملحوظة في الدمام.
يعلن لمتابعيه الـ14 ألف في "تويتر" الأخبار دون إبداء وجهة نظره، لكن في غمرة المواجهة كان هنالك من يجيد تحديد موقفه من المشاركة. "بأخبارك تريد أن تقول لنا إنك تدعم الانتخابات"، يقول أحدهم ردا عليه.
أما رئيس الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية أسامة نقلي، وهو الذي يؤكد أن ما يكتبه في "تويتر" يمثله هو فقط، فكان يعيد نشر الآراء الداعمة للمشاركة في الانتخابات، وتلك التي تقف ضد من يقاطعونها.
تتثاءب مقدمة البرامج في قناة العربية سارة الدندراوي: "موضوعان يشغلان الناس في "تويتر": الانتخابات وقيادة المرأة للسيارة، والاثنان بيد الرجال ولا تستطيع المرأة المشاركة فيهما.. أنام أحسن".
وكان المدون عبدالعزيز الشعلان يراقب عن كثب مواجهة الفريقين ليومين، ويرصد جماهيرهما بالأرقام. ويقول: إن حدة النقاش في "تويتر"، خصوصا في الجانب السعودي، قللت من مستوى التدوينات: "بقي بعض المغردين يراقبون إلى ماذا سينتهون، والبعض الآخر ابتعد إلى أن ينتهي النقاش".
يعتقد الشعلان أن الجدال لن ينتهي بانتهاء قيد الناخبين، بل ستتبعه مرحلة أخرى. ويضيف متيقنا، بعد متابعته لنقاشات "تويتر" منذ سنوات: أن الجدل حول المرأة سيشتعل الشهر المقبل، بعد هدوء.. وتثاؤب.