جدد أهالي منطقة عسير تساؤلاتهم لوزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين عن الأسباب التي أدت إلى إلغاء مشروع المرحلة الثالثة لمحطة الشقيق رغم اعتماده في الميزانية العامة للدولة بقيمة تقدر بـ 2.7 مليار ريال, مطالبين أن تبادر وزارة المياه بالرد على كافة التساؤلات المتعلقة بالمشروع والتراجع عن القرار الذي لا يخدم الاستراتيجية المائية للمنطقة.

وأجمعوا على أنهم مازالوا يتطلعون إلى حلول جذرية من شأنها أن تقضي على أزمات المياه في مختلف محافظات ومراكز المنطقة، والعمل على تحقيق الأمن المائي الذي يعد شريان الحياة والنظر بعين الاعتبار إلى عدد السكان المتزايد في المنطقة واعتمادهم الكلي على المياه المحلاة.

وقال المهندس يحيى البسامي أحد منسوبي وزارة المياه والكهرباء سابقا إنه عايش أزمات المياه بالمنطقة عدة أعوام، مضيفا أن احتياج محافظات منطقة عسير التي تعتبر التحلية مصدراً رئيساً أو أحد المصادر الرئيسة لتغذيتها بالمياه عام 1435 وتشمل مدن "أبها وخميس مشيط وأحد رفيدة وسراة عبيدة وظهران الجنوب والنماص وبلقرن ورجال ألمع ومحايل عسير والمجاردة والحريضة والقحمة والبرك وسعيدة الصوالحة، والبالغ عدد سكانها قرابة الـ 1,779 مليون نسمة وفقا لمعدلات النمو السكاني لتعداد 1431 تقدر بـ 355,837 مترا مكعبا في اليوم ، وإنتاج محطة التحلية المرحلة الأولى 90 ألف متر مكعب في اليوم والمخصص لمنطقة عسير من المرحلة الثانية يبلغ 130ألف متر مكعب في اليوم ليصبح الإجمالي في حدود 220 ألف طن في اليوم وهذه الكمية لا تفي فعليا باحتياج منطقة أبها الحضرية التي تشمل مدينة أبها ومحافظتي خميس مشيط وأحد رفيدة فقط.

معاناة مستمرة للأهالي

وأبدى رجل الأعمال عبدالله الكبريش أسفه لإلغاء المشروع الذي ينهي جميع أزمات المياه بلا عودة، في الوقت الذي عانى أهالي منطقة عسير خلال السنوات الماضية من قلة مصادر المياه وانحسار مصادرها الطبيعية نتيجة انخفاض معدلات سقوط الأمطار خلال العقدين الماضيين.

وقال الكبريش "كان لمواساة واهتمام خادم الحرمين الشريفين الأثر الكبير في تجاوز المنطقة لمحنتها عام 1429 حيث وجه حفظه الله بإجراءات عاجله نُفذت فوراً ووعد بإنهاء الأزمة بإجراءات دائمة تتمثل في اعتماد عدد من مراحل التوسعة لمحطة التحلية بالشقيق".

ودعا الكبريش وزير المياه والكهرباء إلى التفاعل مع حاجة المنطقة الملحة للمشروع الذي يعتبر واحداً من سلسلة مشاريع أقرتها استراتيجية المياه بالمنطقة، خاصة أن المبلغ المخصص للمشروع والبالغ 2,7 مليار ريال بُني على دراسات دقيقة استغرقت سنوات قامت بها وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة للخروج بالحلول التي تحقق الاستراتيجية المائية للمنطقة وحظيت بمصادقة مجلس المنطقة.

واختتم الكبريش تصريحه بالقول "لا أعتقد أن قرار الإلغاء حظي بنفس القدر من الدراسة له، فما بين اعتماد المشروع بالميزانية وقرار إلغائه أيام معدودة لا تفي حتى بالاطلاع على تفاصيله مما صادر فرحة الأهالي وحقهم في الاستفادة من المشروع.

الاعتماد على السدود

وأبدى الإعلامي مرعي عسيري دهشته مما تردد من عزم وزارة المياه الاعتماد على السدود بديلاً للتحلية لتلبية احتياج منطقتي عسير وجازان بالرغم من تعرض معظم السدود للجفاف بما في ذلك سد الملك فهد ببيشة الذي تعرض للجفاف عدة مرات منذُ افتتاحه عام1419 مع أنه أكبر السدود سعة تخزينية وزيادة الرسوبيات بشكل تجاوز نصف السعة التخزينية لبعض السدود كسد جازان، إضافة للآثار السلبية التي تخلفها السدود على البيئة والأراضي الزراعية القريبة منها كما أنها لا تعتبر مصدرا آمنا لسهولة تعرضها للتلوث الطبيعي والصناعي ولعدم ثبات مناسيبها التخزينية لارتباطها بمعدل هطول الأمطار، مؤكدا أن السدود قد تكون مناسبة كمصدر احتياطي إلا أنها لن تكون البديل المناسب للتحلية.

قانونية إلغاء المشروع

وتساءل مدير إدارة المشاريع بأحد القطاعات الخدمية علي سيف عن قانونية إلغاء المشروع خاصة أن الأنظمة تقضي بعدم إلغاء مشروع واستبداله بمشاريع لم تُعتمد في الميزانية لأن ذلك يعد مخالفة لتعليمات الميزانية.

وقال سيف إن القيادة الرشيدة لاتألو جهدا في تنمية الإنسان وتوفيركل المشاريع التي يحتاجها دون عرقلة أو تأخير وهو مايتطلب من وزارة المياه تنفيذ التوجيهات والمضي في كل مايحقق الاستقرار للأهالي بدلا من هجرتهم نحو المدن الكبرى.

خطط ودراسات المشروع

ودعا عضو المجلس البلدي في خميس مشيط الدكتور وليد سعيد أبوملحة وزارة المياه والكهرباء إلى إيضاح كل تفاصيل إلغاء المشروع بكل شفافية, وعدم مصادرة حق أهالي منطقتي عسير وجازان في أمنهم المائي, مضيفا أن اعتماد المشروع كان وفق خطط ودراسات مبنية على واقع الاحتياج الفعلي لأكثر من أربعة ملايين نسمة ينتشرون في المنطقتين، مشددا على أن المشروع مهم جدا وسبق أن عاش أهالي المنطقتين لحظات من الفرح والبهجة.

وناشد أبوملحة بتشكيل فريق عمل فني من خارج وزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه لتقصي حقائق القرار وتبعاته على أن يعمل هذا الفريق مع إمارتي عسير وجازان والجهات ذات العلاقة بالمنطقتين وحصر الأضرار التي ستنتج عنه على المدى القصير والبعيد، وعدم التصرف في اعتمادات المشروع إلا للمشروع نفسه كما أُقر في الميزانية.

وعود الوزير لمحايل

من جهته أشار وكيل محافظة محايل عسير سعد بن سفر بن زميع إلى أن المحافظة تلقت خطاباً من وزير المياه والكهرباء موضحاً فيه التزام الوزارة بالاستراتيجية المائية ومحدداً الكميات المخصصة للمحافظة من المرحلة الثالثة والرابعة والخامسة، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن يشمل المشروع خطوط النقل للمحافظة والمحافظات الأخرى التي لم تصلها خطوط النقل إلا أن هذا القرار يعيدنا إلى مربع الصفر للمطالبة والنقاش مما يتسبب في هدر وقت الجهات المعنية وتكبيد المواطنين عناء المطالبة والمراجعة.

مصادر مياه المجاردة

فيما أكد محافظ محافظة المجاردة مغدي بن مسفر الوادعي حاجة الأهالي الماسة إلى إعادة النظر في القرار لما يعانونه من شح في مصادر المياه وعدم صلاحية المتوفر منها إن وجد، مؤكدا أن الأهالي يعتمدون حالياً على مياه التحلية لأغراض الشرب والطهي ويجلبونها من مسافة تزيد على 150 كم، ومشددا على أن مصادر المياه من أهم مقومات التنمية وأن عدم توفرها سيكون له تأثير سلبي كبير على مختلف المجالات التنموية.

وثيقة لتنفيذ المشروع

وكان وفد من أهالي منطقة عسير قد التقى مؤخرا وزير المياه والكهرباء في مكتبه بالرياض وأبلغوه أسفهم لإلغاء المشروع ونقل مخصصاته لمشروعات أخرى، وسلموه وثيقة تطالب بتنفيذ المشروع وفق ما خصص له من ميزانية، في حين وعد وزير المياه بدراسة مطالبهم بعد أن طمأنهم بأن أزمة المياه في عسير قد انتهت بعد أن قامت الوزارة بالعديد من الحلول التي ساهمت في الحد من تفاقم الأزمة، مشددا على أن تحقيق استراتيجية الأمن المائي في منطقة عسير تسير وفق الخطط والدراسات المعدة وأنها من أولويات وزارته.