يؤم طفل في إحدى قرى جازان المصلين، ونظرا لاعتياد جموع المصلين عند أداء صلواتهم اليومية بأن يكون إمام مسجدهم في عمر متقدم، ومرحلة تعليمية متقدمة، ليكون ناضجا جسديا وعقليا، مدركا أهمية الدور الذي يقوم به، قادرا على أدائه دون تجاوزات، فإن قيام طفل بمهام إمام المسجد، والصلاة بالناس كان مشهدا غريبا، لم يعتده أحد.
الطالب حسن بن موسى يحيى، (12 عاما) يدرس حاليا بالصف السادس الابتدائي، بمجمع مدارس الجوة التعليمي للبنين، ويؤم المصلين في صلواتهم اليومية بمسجد قريتهم "الجوة" التابعة لمحافظة العارضة شرق منطقة جازان، يقول حسن "أمارس هذا العمل منذ أن كنت طالبا بالصف الأول الابتدائي، أي أن لي في مجال إمامة المصلين في المسجد قرابة ست سنوات".
وعن الصعوبات التي واجهها في البداية، يضيف "لم أجد صعوبة في أن أصلي بالناس كإمام لهم في المسجد، لأن والدي شجعني على ذلك، ولأن أغلبية المصلين في قريتنا الصغيرة غير متعلمين، وغالبيتهم من كبار السن، وبالتدريج تعودت على ذلك، وتميزت بالحماسة والجرأة وأنا أؤم المصلين يـوميا عند كل صلاة، حتى أصبحت أمارس هذا الدور بشكل طبيعي جدا، بل اكتسبت الخبرة في الإمامة دون خوف أو وجل".
وعن السمات التي اكتسبها من الإمامة، قال حسن "هناك مزايا كثيرة اكتسبتها، أهمها حسن تلاوتي للقرآن الكريم، وحفظي لبعض السور والآيات، وكذلك اكتساب محبة الآخرين، واهتمامهم بي، وأنا في هذه السن الصغيرة".
ويرى المرشد الطلابي بمجمع مدارس الجوة التعليمي للبنين، حـسن بن يحيى بيشي خبراني أن "ممارسه الطالب حسن الإمامة بالمسجد نمت لديه حسن القراءة، وكذلك مهارة الحفظ، بـحكم ما يقوم به من إمامة للناس في صلواتهم اليومية بالمسجد"، مشيرا إلى أن ممارسة أعمال لها عـلاقة مـباشرة بالـقراءة والحفظ تعود على الطالب بالنفع والفائدة.
وأضاف أن "المدرسة تقوم بتشجيع الـطلاب الموهوبين، الذين تظهر عليهم مهارات أساسية في حياتهم العلمية، لأن من أسـس الـتعليم تنمية المهارات، وهو ما تقوم به إدارات المدارس ومنسوبوها، ليستفيد الطلاب وتنمو مواهبهم، وتتحقق أهداف العملية التعليمية".
وحول الموقف الشرعي لإمامة الصغير للمصلين في صلواتهم، قال رئيس المحكمة الجزئية بمنطقة جازان، الشيخ علي بن شيبان العامري "في حكم الشرع لا يـجوز أن يؤم المـصلين إلا رجل بالغ عاقل، قارئ للقرآن الكريم، وعالم بأحكام الصلاة والإمامة، فالصلاة تعد ركنا من أركان الإسلام، وفريضة فرضها الله عز وجل على عباده من فوق سبع سماوات، ويجب أن يقودها رجل مؤهل للإمامة".
وأضاف القاضي العامري أن "تعلم القراءة لا ينبغي أن يتم بإمامة المصلين لمن هم أدنى من سن البلوغ، لأن الصلاة ليست بمجال للتعليم واكتساب الجرأة منها، فهناك مجالات كثيرة وواسعة للحصول على تلك المكتسبات العلمية والمهارية، ويمكن أن يكون ذلك بعد الانتهاء من أداء الصلاة، بأن يقوم الطفل أو الصغير بإلقاء كلمة أمام المصلين في المسجد من باب التعود على مواجهة الجمهور، وأخذ الفرصة لاكتساب الجرأة، وإتقان القراءة ليكون مستقبلا من الأئمة الخطباء".