بشكل شبه يومي، تحط عشرات الطائرات القادمة من شرق آسيا رحالها في مطارات المملكة الدولية في جدة والدمام والرياض، محملة بمئات العمالة الوافدة والخادمات والسائقين. وهنا ليست المشكلة، المشكلة أن كثيراً من المستقدمين لهذه العمالة وتحديداً الكفلاء يستهترون بقيمة الإنسان حين لا يذهبون لاستقبالهم في المطار، ويتركونهم يوما أو يومين في المطار، ومن ثم تتكفل الدولة بالصرف عليهم حتى (يتنازل) الكفيل ويأتي لاستقبالهم.
الموضوع ليس هزليا، ومكاتب شؤون الخادمات وكذلك الجوازات وإدارة المطار تعلم عن ذلك، والسبب هو الاستهتار بقيمة الإنسان. هناك تكدس للعمالة الوافدة في المطارات بشكل مسيء، والمسؤولية الأولى بما أنها تقع على الكفيل، فمن حق الدولة نقل كفالة هذا العامل أو تلك الخادمة دون إذن لمن (أنهكته) السفريات أو حتى مسامرة الأصدقاء وتجاهل إنسانا آخر يقضي اليومين والثلاثة في المطار بدون ذنب، ذنبه فقط أنه أتى على كفالة إنسان لا يعرف قيمة الإنسان.
ولأن النقد دائماً ليس هو الحل، فإن الحل في هذه الحالة هو التنسيق بين المديرية العامة للجوازات ووزارة العمل ومكاتب الاستقدام، والخروج بحزمة أنظمة صارمة ما بين الغرامة المالية ونقل الكفالة لمن يستهتر بحقوق عمالته، ويسهم في تكدسهم في المطارات، وأن يتحمل المخطئ مصاريف الإقامة والغذاء لهم في المرة الأولى على أن تسجل عليه كمخالفة للنظام، وفي حال تكرارها يمنع من الاستقدام وتنقل كفالة الخادمة أو السائق لمستفيد آخر. ويبقى هو (مع نفسه) ليعرف قيمة الإنسان ويحترم الفرد الذي أتى من أقاصي الأرض بحثا عن المال والعمل، ليجد الاستقبال في دور الرعاية أو في شؤون الخادمات إن كانت خادمة.
أمور يسيرة لكنها قابلة للتضخيم، وقابلة للاستخدام كأدلة إساءة ضد بلادنا، حين يشاهد أي شخص زائر عشرات أو مئات الخادمات والسائقين تائهين، في انتظار رحمة (الكفيل) حتى يتفرغ لهم بضع دقائق ويقول لهم: أهلاً بكم.