يقولون إن الاعتراف بالذنب فضيلة، ذلك أن الاعتراف بذنب أو خطأ ما.. يترتب عليه إصلاح ما نتج عن ذلك الخطأ من سلبيات أو إساءات للآخرين، أو الحد منها، والأهم من هذا وذاك هو تحمل الجهة المعتذرة مسؤولية عدم تكرار ماحدث من أخطاء، إلا أن هذا الأمر على ما يبدو يختلف من شعب إلى آخر ومن شخص إلى آخر، وتتحكم فيه عوامل متعددة مثل وعي صاحب الحق وقدرته على المسامحة والصفح.. ففي بعض الشعوب عندما يعترف مسؤول ما بتقصير إدارته أو إهمالها ويعلن مسؤوليته عن هذا التقصير أو الإهمال؛ فهذا يعني أن هذا المسؤول يتعهد بتصحيح هذه الأخطاء على وجه السرعة، وتقديم ضمان بعدم تكرارها أو حدوث ما يشبهها مستقبلا، وفي حال أخفق في وعوده أو كان أداؤه غير مرضٍ؛ فإنه يقدم استقالته خجلا من نفسه، علّه يكفر بهذا عن ذنبه، وفي مجتمعنا تكثر مثل هذه الاعترافات بالأخطاء من بعض الموظفين أو المسؤولين، خاصة عندما يواجهون بالأدلة والإثباتات، إلا أنه وبالرغم من كل هذه الاعترافات، فإنه ليس ثمة تغيير يذكر على أرض الواقع، فعندما يعترف مسؤول مثلا بنقص في الوظائف الفنية والإدارية أو بالتقاعس في توظيف خريجي الدبلومات، فهذا لا يعني بأي حال من الأحوال العمل على إنهاء هذا الوضع المأزوم سريعا، ولا الشعور بالحرج في حال انضم خريجو الدبلومات الصحية إلى طابور العاطلين عن العمل، بل يعني غالبا الالتفاف على الوضع القائم وتقاسم المسؤولية مع جهات أخرى حتى يخف العبء، وتوزيع الخريجين بدون عدل ومساواة بين القطاعين الحكومي والأهلي، وشتان بين هذا وذاك، فبينما يستقر الموظف الحكومي في وظيفته، تتقاذف القطاعات الأهلية الخريجين، بذريعة أو أخرى.

لذلك فإن الاعتراف بالذنب ليس فضيلة إذا لم تتبعه خطوات تصحيحية تخفف من وطأة الخطأ أو الذنب، ونية جادة ورغبة أكيدة في التخلص من كل الأخطاء المشابهة في المستقبل، وإلا فإن الاعتراف سيكون ضربا من الاستخفاف بالمتضررين.