بطبيعة الحال لدينا الكثير من الأخطاء، كما أن لدينا إيجابياتنا الكثيرة. لكن ذكر الأخطاء نهدف منه إلى سد الثغرات في جسد المجتمع، حتى يبدو قريبا من الكمال، إذ الكمال عزيز، بل هو مستحيل.

من بين الأخطاء ما يمكن تسميته: "قرار آخر دقيقة"، نرى هذا الخطأ في يوم 29 شعبان حين يقترب الشهر الكريم، عندما يشتري رب الأسرة أغراض الشهر الكريم، كما في موسم الحج حيث يشغّل الناس سياراتهم من دون أخذ تصريح، ومن دون حجز سكنٍ أو فندق أو شقة. فيسيرون في الطرقات باحثين عن سكنٍ يؤويهم.

ربما هي ثقافة الترحال التي جاءتنا من ثقافتنا الصحراوية، حيث الرحلة سهلة، وتتبع مواقع المطر والاستسلام للقدر، والبعد عن التخطيط والترتيب. لكن هذا الأسلوب انتهى، وصار التعامل به من الأخطاء والأخطار. هذا ما وجدته لدى بعض أبناء مجتمعي الحبيب في أسفارهم للخارج في هذه الإجازة. سمعت قصصا للباحثين عن غرفة أو شقة أو أي مأوى في دبي. لأنه ركب سيارته بسرعة وقرر الذهاب من دون أن يكلف نفسه الذهاب إلى وكالة سياحة ليستأجر غرفة أو شقة يضمن بها السكن، كما لم يكلف ابنه الصغير ليحجز له من خلال الإنترنت شقة أو غرفة. وبما أن نسبة إشغال الفنادق في الإمارات التالية: دبي، الشارقة، عجمان، بل وأم القيوين، بلغت 100%، فإن من الضرورات التجهّز للسفر قبله بأيام وأسابيع، حتى يجنب المرء نفسه وأسرته المفاجآت التي تحول رحلة الهدف منها الاستمتاع، إلى عذاب وتعب ونصب، كان يمكن تفاديه، ببعض الاهتمام المبكر والتخطيط المسبق.

قرارات آخر دقيقة هذه أبرز سبب للفوضى في الأسفار وفي المواسم. يركض أحدنا من سوق إلى سوق بحثا عن هذا المنتج في ليلة شهر رمضان، وحين يريد أن يشتري أضحية يشتريها في يوم عرفة! وحين يريد أن يسافر يقرر ليلا أن يذهب غدا إلى هذا المكان أو ذاك من دون استعداد. لماذا نضطر إلى كل هذه الفوضى إذا كنا نبحث عن إسعاد أنفسنا ومن حولنا؟!

قال أبو عبدالله غفر الله له: ما أسهل أن يكون الإنسان حادسا في قراراته، يشتري كل الاحتياجات قبل مجيء المواسم، ويتجهّز للسفر قبل مدة كافية. البعض يقول: "أخاف (أهوّن) كيف أحجز"!؟ قلتُ: والتهوين مشكلة أخرى، ولذلك يتندر البعض علينا بتسميتنا شعب (هوَّنَّا)، أي عدنا عن قرارنا، وهي قرارات "الطوارئ"، ورحم الله بني الأصفر يحجزون لإجازتهم قبل عام حجوزات غير قابلة للاسترداد، من باب التوفير، بل ويحدد المرء كرسيه الذي سيمتطيه في الطائرة قبل أشهر، ولذلك فاحتمالات (هوَّنَّا) عندهم شبه منتفية. لقد هونوا عن استخدام هونا في حياتهم!