في يوم فلسطيني بارد في ديسمبر الماضي، انطلق صحفي ومصور من قناة إسرائيل الثانية الإخبارية لإجراء مقابلة مع حركة "شباب قمة التل" الإسرائيلية، وهي تضم مجموعة من المستوطنين المتطرفين الذين يستمرون في سرقة أراض فلسطينية في المناطق المحتلة وبنوا منازل غير شرعية لإنشاء مستعمرات جديدة وهم مصممون على امتلاك كامل أراضي "يهودا والسامرة." هؤلاء يشكلون مجموعة خطيرة، لكنهم يتلقون الحماية من الحكومة الإسرائيلية منذ عقود، ويتلقون التمويل من مؤسسات في الولايات المتحدة. إيمي كوفمان، وهي مدونة تكتب في مجلة إسرائيلية إلكترونية، ترجمت البرنامج الإخباري للقناة الثانية، وقدمت ترجمة إنجليزية لكي تكشف الطبيعة العنصرية البشعة لحركة "شباب قمة التل". كوفمان "تشكر" منظمة (إيباك) الصهيونية وممولين أمريكيين آخرين لم يكن بإمكان هذه الحركة العنصرية القيام لولا دعمهم وتأييدهم.

الصحفي يقترب من البوابة في ميجرون، حيث يسأله مستوطن بطريقة عدائية: لماذا أنت قادم إلى هنا؟ المحكمة العليا الإسرائيلية أمرت بإغلاق ميجرون بحلول مارس 2012. حوالي 45 عائلة يصل عدد أفرادها إلى 280 شخصا يعيشون في المنطقة الرئيسية من المستوطنات، ولكن ما وراء البوابة هناك جزء آخر من المستوطنة –اسمه "التل"- وهو امتداد آخر غير قانوني. الطرق مزروعة بالمسامير لتخريب السيارات العسكرية التي قد تأتي إلى هناك.

البؤرة الاستيطانية تم إخلاؤها حوالي 11 مرة، أجزاء من السقوف والجدران المكسورة وقطع من الأثاث الرخيص تملأ التل. الجنود الإسرائيليون يكسرون بيوت المخيم كلما حضروا لإخلائه بين الحين والآخر، لكن البناء رخيص. البيوت عبارة عن أكواخ مصنوعة من مواد لا قيمة لها ولا يعني تدميرها شيئا لسكان المخيم. المزيد من الأموال تأتي من الولايات المتحدة، من محسنين يهود أثرياء لإعادة بنائها مرة أخرى. من أجل المستوطنة الرئيسية القريبة، يدفع المحسنون اليهود الأمريكيون مئات آلاف الدولارات لشراء معدات أمنية وأجهزة رؤية ليلية للمستوطنات.

يمر الصحفي عبر البوابة، ويمكن رؤية مساحات مفتوحة واسعة من أراضي الرعي وأشجار الزيتون. على تل، هناك أكوام من القمامة – بقايا كرفانات متنقلة وأكواخ محطمة. يتطلع الصحفي باهتمام إلى كوخ تم بناؤه من الحطام. هناك شخص يختبئ في الزاوية – إنها فتاة مراهقة تختبئ من الجيش الإسرائيلي الذي يمر عادة بسرعة دون أن يبحثوا باهتمام إذا كان هناك أحد ما. تتحدث الفتاة إلى الصحفي. ثم تقترب ثلاث فتيات أخريات. إحداهن ترتدي قميصا على ظهره رسم جمجمة وعظام متصالبة ومكتوب عليه عبارات عنصرية بالعبرية. فتاة أخرى، واسمها إليران، تشرف على منتدى الأرض والوطن للقناة السابعة في التلفزيون الإسرائيلي، ولديها سجل لدى الشرطة، لأنها سبق وخربت ممتلكات وسيارات فلسطينية.

تقول إليران إن من السخف أن يأتي الجنود الإسرائيليون بأوامر لإزالة السكان من المخيمات التي على قمة التل التي اقتطعوها من الأراضي الفلسطينية، لأن الحكومة تعرف أن المستوطنين سيعودون.

يسألها الصحفي عمن يملك أشجار الزيتون حولهم. ترد إليران: "كلها ملك لليهود ... العرب يعتقدون فقط أنهم يمتلكون شيئا ما هنا ... إنهم محتالون." يسألها الصحفي "هل يمتلكون أي شيء؟" ترد عليه "كلا. لديهم عدة دول. لديهم 22 دولة، أليس كذلك؟" وعندما يقول الصحفي إن هناك عائلات من الفلسطينيين يعيشون هنا، ترد فتاة أخرى بسخرية: "إنهم لا ينتمون إلى هذا المكان. وكل يوم يبقون فيه، سوف يدفعون الثمن."

ولدى سؤالهن عن رغبة المتطرفين اليهود في تدمير المسجد الأقصى، ترد إليران بحماس:"طبعا! طبعا! هل لديك أي شك؟ إذا استيقظنا في الصباح وسمعنا أن المسجد احترق سنكون سعداء، سيكون صباحا عظيما!"

النساء يقلن إنهن لا يحتجن إلى موافقة الحاخام للقيام بالأعمال الروتينية مثل إحراق مسجد أو تخريب سيارة عسكرية، لكن هناك حاخامات يعطون "موافقات عامة.. وإلا لما كنا فعلنا هذه الأشياء."

تطالب الفتيات بحرب مع الأردن للاستيلاء على ضفتي نهر الأردن. ينتقل الصحفي إلى مستعمرة غير قانونية أخرى –هذه المرة المنزل مبني بشكل جيد. يتحدث أحد قادة شباب "قمة التل"، واسمه مائير بريتلر، بفخر عن هجوم قاده عبر نهر الأردن حيث اقتحم مع زملائه نقطة قصر يهود الحدودية مع الأردن. لكن هذا الشاب يتحدى الصحفي أن يثبت أن المستوطنين هم الإرهابيون المشهورون باسم "بطاقة السعر". يقول مائير:" ليس هنا من يحرق المساجد...أرني أي شخص اعتقل بتهمة إحراق مسجد."

بالنسبة لأولئك الذين لديهم أدنى شك حول العلاقة بين هؤلاء المتطرفين، تعرض القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي متطرفين شبابا آخرين يرتدون قمصانا مكتوبا عليها "يعيش كاهانا". مضت أكثر من 20 سنة على مقتل الحاخام مائير كاهانا في الولايات المتحدة. كان كاهانا مؤسس رابطة الدفاع اليهودية، وانتقل إلى إسرائيل لتأسيس حزب (كاخ) الذي لا يزال على قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة. غير اسمه عدة مرات، لكنه لا يزال يستلم تمويلا أمريكيا.

الطريقة التي تعاملت بها الحكومة الإسرائيلية مع ميجرون تظهر أنه لا يوجد حكم قانون بالنسبة للفلسطينيين. في 12 يناير الماضي، قام روفين ريفلين، المتحدث باسم حزب الليكود في الكنيست الإسرائيلي، بزيارة شخصية إلى ميجرون وطالب أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإيجاد طريقة لترخيص ميجرون وجعلها شرعية، وإلا فإن الكنيست سيمرر قانونا يفعل الشيء نفسه. زيارة الزعيم الليكودي ريفلين إلى ميجرون جاءت في نفس اليوم الذي كانت تجري فيه جولة من مباحثات "السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عمان برعاية أمريكية. رغم نفاق الإسرائيليين ومؤيديهم الأمريكيين في المباحثات، فإن الفلسطينيين ثابتون في رؤياهم. لن تكون هناك مفاوضات كاملة دون تجميد إسرائيلي للمستوطنات وإطار لمناقشة العودة إلى حدود 1967، بحسب رئيس المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات. مع دفاع قادة الليكود عن ميجرون، لن تكون هناك موافقة إسرائيلية على ذلك.

من جانبها، الولايات المتحدة صامتة حول تلاعب إسرائيل بالمطلب الدولي لوقف الاستيطان.