تشير الدلالة الإحصائية إلى أن أرباح الشركات السعودية المدرجة على شاشة سوق الأسهم وحده، تناهز السعبين مليارا في العام المنصرم. وذلك هو فقط ما كان من الرقم ـ التحتي ـ المعلن، وإلا فإن للشركات طريقتها المحاسبية التي تخفي حقائق الأرقام، وبالقانون. وفي المقابل، تقول المادة 207 من القانون المنظم لعمل الشركات التي تريد دخول سوق الأسهم عبر الاكتتاب كشركة مفتوحة إنه يجوز اقتطاع جزء من أرباح الشركة الدورية السنوية بما لا يزيد عن 10% وتوظيف هذا (الاقتطاع) في الخدمات الاجتماعية العامة كجزء من مسؤولية الشركة تجاه المجتمع. لكننا للأسف الشديد، نكتب القوانين ونغوص في تفاصيل مفرداتها وموادها ثم نضع القانون في الأرشيف. نطبق القانون حتى المادة العاشرة على أقصى الحدود ولكنّ أحداً لم يصل بنظره القصير إلى المادة 207. هذه المادة وحدها تكفي لتسييل سبعة مليارات ريال فماذا يمكن أن تفعل هذه المليارات السبعة؟ وحدة غسيل الكلى تكلف 500 ألف ريال.. نزر يسير من القانون المكتوب لأرباح هذه الشركات سيكفي لأن ندفن مآسي المئات الذين يقطعون مئات الكيلومترات حتى يصلوا بدمائهم (الوطنية) إلى المغسلة المزدحمة. ملياران في العام الواحد لو ضُخا في صندوق الموارد البشرية وبشكل سنوي لكفيا آلاف الشباب الذين يصطفون في طابور البطالة وبراتب شهري مطمئن. ثلاثة مليارات من القانون المكتوب في المادة 207 تكفي كل عام لبناء جامعة صغيرة مكتملة بينما عشرات الآلاف من شبابنا يدرسون في القاعات المستأجرة. سبعة مليارات في عام واحد تكفي لبناء سبعة مستشفيات ضخمة. والخلاصة أن لديكم من بقية المقترحات ما يكفي لتكملة كل هذه الصفحة بين يديكم، ولكن: أين هي المسؤولية الاجتماعية لهذه المئات من الشركات ونحن لا نطلب منها شيئا إلا ما كان من فوائض أرباح المساهمين من المواطنين أنفسهم وبالقانون. إنها مسؤولية لا تتعدى الأحبار المكتوبة على الورق. ولكم أن تدركوا أن الفضيحة المجلجلة على الطرف الآخر أن سبعاً من هذه الشركات لم تفتح وظيفة واحدة وحيدة لسعودي، وأن بضع عشرة شركة منها أيضاً تقبع اليوم في قلب النطاق (الأحمر) الذي كشفته وزارة العمل. ولكم أن تدركوا أن كل هذه الشركات تنعم بالخدمات التحتية من المال العام وتزاحم بأساطيلها في الطرق وتعدم بمصانعها نظامنا البيئي الهش وتوظف من أجل معاملاتها الحكومية آلاف المواطنين في الإدارات الحكومية المختلفة.