كان انتصار الثورة الليبية في أكتوبر العام الماضي، حدثا بارزا، لجهة إنهاء حكم الرجل الواحد الذي استمر أكثر من أربعة عقود، وأعاد للشعب الليبي حريته، وإمكانية حكم نفسه بنفسه.
ولكن ما تلا انتصار الثورة، ترك أكثر من علامة استفهام على ما آل إليه الوضع في ليبيا.
فالميليشيات التي انتشرت في أرجاء البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى صحرائها، كانت مثارا للاهتمام، لكيفية تشكيل الحكومة المركزية.
فالثوار الذين حملوا السلاح للإطاحة بالطاغية، أسكرتهم نشوة النصر، وبات الحديث عن نزع سلاحهم، كمن ينفخ في النار ليزيدها أوارا.
ليس من السهولة أن يستسلم أمراء الحرب وينضووا داخل مؤسسات الدولة. فالدولة الرشيدة هي من تتعامل مع من هم على الأرض بسلاسة، وليس بالقوة، ولتجنب القوة، كان لزاما عليها الإغراء بالإصلاحات النابعة من الديموقراطية التي ينشدها أبناء ليبيا، وذلك عبر عملية إنمائية لا تفرق بين المناطق بهدف القضاء على أسباب الفقر والبطالة التي انتشرت على نطاق واسع.
كانت بنغازي مهد الثورة الليبية، وكان شبابها وقودها، فإذا بها تعاني في ظل العهد الجديد، أكثر مما عانته في ظل الحكم البائد.
باتت الخدمات مقتصرة على العاصمة، فيما تركت الأطراف تدبر نفسها بنفسها.
يتساءل الكثيرون من الليبيين عن عائدات بلادهم من النفط، وعن أموالها في المصارف الأجنبية، وهي أسئلة مشروعة في ظل التحالف مع الغرب، وفي ظل حالة العوز التي يمرون بها.