رفع مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على يد القوات الأميركية عدة احتمالات حول الكيفية التي قد يرد بها أتباعه انتقاماً لمقتله، سواء كان الرد عسكرياً من خلال القيام بعمليات تفجير مباشرة أو استخدام طرود تحوي مواد سامة أو غير ذلك من الاحتمالات. وقد نشر موقع مؤسسة "راند" الأميركية للدراسات في مايو الحالي مقالاً للباحث إسحاق بورش تناول فيه احتمال أن تقوم القاعدة، من بين أمور أخرى، بشن هجوم إلكتروني يكون مسرحه الشبكة العنكبوتية ويستهدف الأنظمة الإلكترونية الأميركية.
يقول تقرير راند إن مقتل بن لادن على يد القوات الأميركية يرفع احتمال قيام مؤيديه بالانتقام من الولايات المتحدة. وبما أن هجمات مثل تلك التي شنها التنظيم في 11 سبتمبر 2001 تحتاج إلى سنوات من الإعداد والتخطيط، فإن بعض المراقبين يتوقعون أن تنظيم القاعدة قد يحاول شن هجوم إلكتروني صاعق. ومع أن بعض الردود يمكن توقعها، فإن احتمال قيام أنصار بن لادن بهجوم إلكتروني واسع النطاق أمر بعيد الاحتمال لأسباب ثلاثة:
1- إنهم لم يظهروا قدرة فائقة على شن مثل هذا الهجوم. هذا ليس معناه أنهم غير قادرين على تنفيذ هجوم إلكتروني بأنفسهم أو من خلال طرف ثالث يدفعون له للقيام بذلك. لكنه سيكون مقتصراً على تشويه مواقع إلكترونية أو تعطيل موقت لموقع شركة أو موقع حكومي. مثل هذا الهجوم الإلكتروني حدث بعد توقيف مؤسس "ويكيليكس" جوليان أسانج جيث قام مؤيدوه الغاضبون بتحويل السير من موقع إلكتروني تابع لمسؤول سويدي إلى موقع موالٍ لمؤسس ويكيليكس، كما تم تشويه موقع المدعي العام في السويد. هجمات مثل هذه مزعجة لكن من السهل إصلاحها بشكل عام. حتى الخلل الناتج عن استهداف موقع ما بآلاف الضربات للتسبب بانهياره، كما فعل أنصار جوليان أسانج مع موقع ماستر كارد وفيزا كارد، يمكن إصلاحه بشكل سهل نسبياً.
2-أي هجوم يستهدف شل النظام الإلكتروني الأميركي يحتاج إلى فترة طويلة قد تستغرق شهورا أو حتى سنوات للإعداد له وتنفيذه. الهجوم الذي استهدف موقع البرنامج النووي الإيراني باستخدام فيروس (ديدان ستوكسنت) من المرجَّح أنه استغرق شهوراً من الإعداد والتخطيط على يد خبراء مميزين وميزانية مالية كبيرة أيضاً. حجم مثل هذا الهجوم يحتاج إلى موارد دولة وليس إلى مجموعة من الهاكرز الهواة. لو كان تنظيم القاعدة يمتلك مثل هذه القدرات لكان استخدمها من قبل على الأرجح. هذا لا يعني أنه لن يتمكنوا من القيام بمثل هذا الهجوم مع الوقت، لكن أميركا تترقب مثل هذا الهجوم منذ زمن وقد أعدت حلولاً لأي حالات طارئة.
3- الهجوم الإلكتروني لا يكون له نفس الأثر الإعلامي والقيمة الدعائية مثل الهجمات ذات الطابع العسكري، إلا إذا استطاعت القاعدة تنفيذ هجوم كبير ومؤثر بشكل واسع وهو أمر يتجاوز قدراتها المتوقعة بكثير. إن نوع الهجمات التي تستطيع القاعدة أن تقوم بها لن يفيدها إعلامياً وسيكون مخفياً بشكل كبير، إلا إذا قام المستهدفون بالإعلان عن تعرضهم لهجوم إلكتروني.
إن الدول المارقة أو مؤسسات الجريمة المنظمة أكثر قدرة من تنظيم القاعدة على القيام باختراق واستغلال المجال الإلكتروني بشكل واسع. اليقظة أفضل وسيلة لمنع مثل هذا الهجوم الإلكتروني، وقد أظهرت السُلطات الأميركية حتى الآن قدرة على منع أي هجوم إلكتروني ذي أهمية.