بعد أن ضاقت عليهم الأرض وفشلوا في التحليق جوا، اختار 700 طيار سعودي الفضاء الافتراضي للإنترنت وجهة لهم، بحثا عن حل لمعاناتهم مع مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية.. وللتنفيس عن قهر الشهادة الرفيعة التي لم تعد تغني من جوع. كانت الوجهة صفحة على فيس بوك باسم "دعونا نحلّق"، يملؤونها بالنقد اللاذع وكثير من الهم اليومي وهم يصبحون ويمسون على إجابة واحدة من مسؤولي "السعودية": لا مكان لكم بيننا اليوم.. استجيبوا لاشتراطاتنا الجديدة، فشهاداتكم لم تعد صالحة لتطيروا. ولأن "مهنة في اليد أمان من الفقر".. فكر كثير من أولئك الطيارين وقدروا، ثم اختاروا تغيير مسارهم إلى العمل مندوبي مبيعات وفي الحراسات الأمنية، في حين استبدل فريق ثالث قيادة الطائرات بسيارات الأجرة، أما الباقون فلزموا منازلهم ولخصوا حكاياتهم في كلمة واحدة: تعبنا. يقول منسق صفحة "دعونا نحلق" الطيار خالد علي: إنه انضم للخطوط السعودية ضمن 180 طيارا بعد خضوعهم لاختبارات استمرت لعام ونجحوا في اجتيازها. ويضيف: فوجئنا بعد ذلك بتقليص العدد إلى 15 فقط، معللين ذلك بإضافة شروط وبنود جديدة على من

يتم قبوله، مبينا أن عملية التقليص جعلته عاطلا وألزمته منزله بلا عمل. وأشار إلى وجود ما بين 700 إلى 800 طيار سعودي يحملون رخص طيران تجاري دولية معترفا بها من قبل هيئة الطيران المدني بالمملكة يعانون من البطالة، موضحا أنه مر على تخرجهم نحو 5 سنوات. مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة عبدالله الأجهر أكد ل"الوطن" أن تعيين الطيارين السعوديين يخضع لضوابط تخلو من التمييز بينهم وبين الأجانب، لافتا إلى أن الشروط ترتبط بضوابط حفظ سلامة الركاب وأن تعديلها يتم بعد اجتماعات ومداولات من المسؤولين بذات الشأن.




اضطر 700 طيار سعودي أخفقوا في التحليق في السماء، إلى التحليق في الفضاء الافتراضي بإنشاء صفحة على فيس بوك باسم "دعونا نحلّق"، آملين أن يجدوا حلا لمعاناتهم وإيصال شكواهم للمسؤولين في مؤسسة الخطوط الجوية السعودية، مستخدمين في ذلك صرعة العصر التي أثبتت نجاعتها في حل كثير من القضايا العضال.

وامتلأت صفحة "فيس بوك" بمشاعر وأحاسيس هؤلاء الطيارين، الذين طالت أحلامهم عنان السماء، ثم انهارت لتصل إلى أعماق الأرض، بعدما استعدوا بعلمهم ومالهم للعمل كطيارين، ثم اكتشفوا أن الشروط التي وضعتها الخطوط السعودية حرمتهم من العمل فيها، ليتغير مسارهم تماما، بعضهم لزموا منازلهم بلا عمل، وآخرون عملوا كمندوبي مبيعات أو في الحراسات الأمنية، وفريق ثالث استبدل قيادة الطائرات بسيارات الأجرة، عملا بمبدأ "مهنة فى اليد أمان من الفقر".

أنفقنا مليار دولار

وأوضح منسق صفحة "دعونا نحلق" الطيار خالد علي، أنه تم قبوله لدى الخطوط السعودية ضمن 180 طيارا، بعد خضوعهم للاختبارات المقررة لمدة عام كامل سواء النظرية أو العملية واجتيازهم لها على الرغم من وجود اختبارات لا تلتزم بها شركات طيران عالمية ومشاركة جهات ذات علاقة بالطيران المدني من خارج المملكة في تقييم النتائج.

وقال "فوجئنا بعد ذلك بتقليص العدد إلى 15 فقط"، معللين ذلك بإضافة شروط وبنود جديدة على من يتم قبوله، مبينا أن عملية التقليص جعلته عاطلا وألزمته منزله بلا عمل.

وأشار إلى وجود ما بين 700 إلى 800 طيار سعودي يحملون رخص طيران تجاري دولية معترف بها من قبل هيئة الطيران المدني بالمملكة يعانون من البطالة، موضحا أنه مر على تخرجهم حوالي 5 سنوات.

وذكر أنهم درسوا على حسابهم الخاص في مؤسسات تعليمية خارج المملكة، كلفتهم حوالي مليار دولار، فضلا عن تحملهم الغربة لثلاث سنوات، وبعد عودتهم لربوع الوطن لم يتمكنوا من الحصول على فرص وظيفية تعوضهم ما تحملوه.

أسرة في مهب الريح

وروت أم فيصل معاناة زوجها الطيار، وقالت إن زوجها درس الطيران على حسابه الخاص قبل 6 سنوات بناء على الشروط التي قدمتها الخطوط السعودية في ذلك الوقت لطلب طيارين سعوديين يحملون شهادات دراسية خاصة، مضيفة أنه بعد عودته تفاجأ بتعديل الشروط وعدم انطباقها عليه.

وأشارت إلى أنها هي الأخرى عاطلة عن العمل، متسائلة كيف تستقيم حياة أسرة يحمل ربها شهادة في الطيران والزوجة جامعية لكنهما ليس لديهما عمل يوفر لهما الاستقرار، وقالت "أخشى أن ينعكس ذلك على الأبناء بفقدان الأمل في المستقبل، وعدم الاكتراث بالتعليم الذي يعد أساس نهضة الأمم".

سائق سيارة أجرة

أما الطيار محمد فقد اتجه إلى قيادة سيارة أجرة بعد أن عزّت عليه قيادة الطائرة، وقال "كنت أحلم بأن أكون مثل بقية الطيارين، وأحس بالفخر لأنني سأخدم وطني"، مبينا أن الفكرة اختمرت في رأسه منذ أن كان يعمل موظفا بالخدمات الأرضية في مطار الملك عبدالعزيز ويرى معظم الطيارين من الأجانب، مضيفا "قلت لماذا نترك شرف خدمة الوطن في هذا المجال الحيوي؟".

وأشار إلى أنه قرر تحمل عناء الدراسة وكلفتها الباهظة، وحاول الحصول على إجازة لإكمال الدراسة إلا أنه لم يتمكن من ذلك مما اضطره إلى تقديم الاستقالة، لافتا إلى أنه لم يحس بالمتاعب التي قابلته طيلة سنين الدراسة إلا بعد عودته واكتشافه بأن الشروط المستجدة لقبول الطيارين لم تنطبق عليه.

وقال طلال سندي الحاصل على شهادة في الطيران ويعمل حاليا مندوبا بإحدى الشركات، إنه يشعر بخيبة أمل نظرا لاستعانة الخطوط السعودية بطيارين أجانب حديثي التخرج وإعطائهم دورات في اللغة الإنجليزية وأخرى تدريبية تؤهلهم للقيادة، رغم تأكيدها على دعم الطيار السعودي، متسائلا أليس ذلك هدرا للمال العام؟

وأشار فهد اللحياني الذي يحمل رخصة في الطيران التجاري وعمره 29 عاما ويعمل حاليا رئيس حراسة أمنية في إحدى الشركات، إلى أن من الشروط الجديدة التي وقفت حائلا دون التحاقه تحديد عمر المتقدم بـ 27 عاما.

سلامة الركاب أولا

من ناحيته، أكد مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة عبدالله الأجهر لـ"الوطن"، أن تعيين الطيارين السعوديين يخضع لضوابط تخلو من التمييز بينهم وبين الأجانب، وأن الشروط الموضوعة ترتبط بضوابط حفظ سلامة الركاب وتعديل الشروط يتم بعد اجتماعات ومداولات من المسؤولين بذات الشأن.


الشروط الجديدة لتعيين الطياريين

• يجب ألا يتعدى عمر المتقدم 27 عاما بالتقويم الهجري، وكان سابقا ألا يتعدى 40 عاما.

• الحصول على الشهادة الثانوية تخصص علمي بنسبة لا تقل عن 85% ولا تقبل أي شهادة أعلى من الثانوية مثل البكالوريوس أو الدبلوم، وسابقا كانت الشهادة الثانوية تكفي من دون تحديد تخصص أو نسبة.

• اجتياز اختبار التوفل للغة الإنجليزية بما لا يقل عن 450 نقطة، وسابقا كان المطلوب اجتياز اختبار التويك.

•اجتياز اختبار وكالة الفضاء الألمانية DLR الذي تبلغ تكلفته 5 آلاف يورو للطالب الواحد "غير موجود سابقا".