أعلنت قطر انسحابها من مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية. وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية أمس أن رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أجرى اتصالا مع أمين عام المجلس، الدكتور عبداللطيف الزياني وأبلغه القرار الذي "اتخذته قطر مضطرة بسبب المماطلة والتأخير بالتوقيع على الاتفاق المقترح في المبادرة، مع استمرار حالة التصعيد وحدة المواجهات وفقدان الحكمة" في اليمن. من جهته، عبر الزياني عن أسفه وألمه لسقوط القتلى والجرحى من أبناء اليمن، موضحا أن "اللجوء إلى العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من سفك الدماء وتهديد الأمن والاستقرار في اليمن". وناشد "كافة الأطراف المعنية إلى المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة باعتبارها الحل والأفضل للخروج من الوضع المأسوي، ووقف نزيف الدم وتجنيب المزيد من التدهور الأمني والانقسام السياسي". ذلك، ساد توتر شديد اليمن عقب مقتل 19 متظاهرا مناهضين للرئيس علي عبد الله بالرصاص خلال 24 ساعة، تلويح السلطة بالقوة لاستعادة هيبتها، في حين طالبت المعارضة المجتمع الدولي بـ"وقف المجزرة".




سقط ثلاثة أشخاص وأصيب سبعة بجروح بعد أن أطلق مسلحون النار على متظاهرين في مدينة البيضاء جنوب شرق صنعاء أمس، فيما تعهدت السلطات باستعادة هيبة الدولة في المناطق المتوترة في البلاد. وتأتي هذه التطورات عشية مواجهات بين معتصمين مطالبين بإسقاط النظام وقوات الأمن أمام مجلس الوزراء في صنعاء سقط فيها المئات ما بين قتيل وجريح.

في غضون ذلك استنكر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبداللطيف الزياني أحداث العنف التي أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من أبناء اليمن. وعبر الزياني عن أسفه وألمه لسقوط قتلى وجرحى، مؤكدا أن اللجوء إلى العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من سفك الدماء وتهديد الأمن والاستقرار في اليمن. وناشد كافة الأطراف المعنية بالعودة إلى المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة كونها الحل الأمثل والأفضل للخروج من الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن ووقف نزيف الدم وتجنيب البلاد المزيد من التدهور الأمني والانقسام السياسي. وفي الإطار نفسه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "إننا نجدد دعمنا لمساعي مجلس التعاون الخليجي وما اقترحه من خطة انتقالية تشكل أفضل طريقة من شأنها أن تؤدي إلى حل سلمي ومرتب للأزمة اليمنية مع الحفاظ على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها". وأضاف "أدعو السلطات اليمنية إلى الوفاء بالتزاماتها في حماية المتظاهرين".

وأشار مصدر أمني رسمي إلى أن "الأجهزة الأمنية المختلفة ستتخذ خطوات صارمة لتعزيز الإجراءات الأمنية وإعادة هيبة الدولة في مختلف المناطق اليمنية". وقال "هناك خطة أمنية تشمل إعادة الانتشار في المناطق التي تشهد اضطرابات والدفع بطلاب الكليات العسكرية والأمنية للنزول إلى الشوارع والنقاط الأمنية للمساهمة في تعزيز الأمن". وأضاف "أن الأجهزة لن تتردد في استخدام القوة لإعادة هيبتها إذا ما تمادت العناصر الخارجة على القانون في ارتكاب أية أعمال تمس أمن الوطن والمواطن". وجاءت هذه التصريحات في أعقاب المواجهات الدامية التي شهدتها العاصمة صنعاء أول من أمس، وأدت إلى سقوط 14 قتيلاً ومئات الجرحى من شباب التغيير، بالإضافة إلى استمرار انفلات الأوضاع في عدد من المحافظات اليمنية مثل تعز وعدن والحديدة وأبين وغيرها.

من جهتها ناشدت المعارضة، المنضوية في إطار تكتل أحزاب اللقاء المشترك، دول الخليج والجامعة العربية والأصدقاء في أوروبا وأميركا "بالتدخل ووقف المجازر التي ترتكبها قوات النظام ضد المعتصمين"، ودانت المعارضة "الجرائم التي تشهدها العاصمة وعدد من المحافظات الأخرى والتصعيد الأمني غير المسبوق منذ بدء الأزمة السياسية القائمة في البلاد، الذي تمثل في وصول تعزيزات من الأمن المركزي والحرس الجمهوري بالتزامن مع تكثيف الطيران لطلعاته الجوية فوق سماء مدن تعز والحديدة والبيضاء وحضرموت ومأرب والمحويت".

وهيمنت على صنعاء أجواء من التوتر الشديد ومظاهر التأهب الأمني عقب ليلة دامية حفلت بمشاهد عنف مفرط وإطلاق مكثف للرصاص الحي نفذته قوات تابعة للأمن المركزي والحرس الجمهوري ومجاميع مدنية مسلحة على مسيرة احتجاجية عند اقترابها من مدخل حي الإذاعة القديمة الذي يقع فيه مقر مجلس الوزراء. وانتشرت وحدات أمنية وعسكرية في كافة الشوارع الرئيسية المحيطة والمتاخمة لمقري القصر الجمهوري ومبنى دار الرئاسة بمديريتي التحرير والسبعين بصنعاء. وفي تعز وقعت اشتباكات جديدة مع قوات الأمن أسفرت عن جرح 25 شخصا بالإضافة إلى إصابة العشرات باختناق نتيجة استخدام قوات الأمن للغازات السامة والقنابل المسيلة للدموع. وشهدت المدينة إعادة تمركز لافت لقوات مكثفة من الحرس الجمهوري.