أجمع عدد من المختصين بالآثار والتراث العمراني على الأهمية التاريخية التي كشفتها التنقيبات الأثرية للرقعة الجغرافية الواقعة في شرق المملكة وجزيرة البحرين باعتبارها من أهم الطرق التجارية البحرية في العصور القديمة التي شملتها حضارة دلمون.
وأشار المختصون خلال الجلسة الأولى من اليوم الثاني لجلسات الملتقى الـ"12" لجمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي اختتم في الرياض أمس، إلى أن تاريخ دلمون يمثل واحداً من أقدم فترات الاستيطان التاريخية في شرق الجزيرة العربية، لافتين إلى أن دلمون لم تحظ بدراسة مستقلة تتناول الوجود الدلموني في المنطقة.
وقال أستاذ التاريخ القديم الدكتور عبدالله العبدالجبار "بحسب ما توثقه النصوص الكتابية التي دوّنها سكان بلاد الرافدين أو الشواهد الأثرية التي عُثر عليها في المنطقة، فتاريخ دلمون يمثل إحدى أقدم فترات الاستيطان التاريخية في شرق الجزيرة العربية، لكنه لم يحظ بدراسة مستقلة تتناول الوجود الدلموني في المنطقة خلال الألف الثالث، إذ ركزت الدراسات على الوجود الدلموني في البحرين متأثرة في ذلك بالكتابات المسمارية المتأخرة والأساطير السومرية التي تحدثت عن دلمون بوصفها جزيرة في وسط البحر أو بسبب العدد الضخم من المدافن الركامية التي عثر عليها في البحرين"، لافتاً إلى أن هذه الكتابات أغفلت جانباً آخر مهما من النصوص السومرية والمكتشفات الأثرية التي تشير إلى الوجود الدلموني المبكر خارج جزيرة البحرين.
من جانبه، كشف الدكتور عبدالعزيز الصويلح من مملكة البحرين أن أعمال التنقيبات الأثرية على الرقعة الجغرافية التي شملها مسمى دلمون، دللت على كونها من أهم الطرق التجارية البحرية في العصور القديمة لموقعها على الخليج العربي، بالإضافة إلى احتوائها على أهم مصادر الرزق المتمثلة في وجود أنواع مختلفة من الأسماك والمحار الحاضن لأجود أنواع اللؤلؤ، وتوافر المياه العذبة التي ساهمت في نشاط زراعي مبكر، ما هيأ لاستقرار بشري وقيام حضارة دلمون.
وخلال الجلسة تناول أستاذ الآثار الدكتور عبدالعزيز الغزي الزخارف الملونة على فخار دادان، والمواسم السبعة الأولى: "دلالاتها الزمنية"، ذاكراً أنه قد تم إجراء مقارنات للعناصر التي يوجد لها مشابهات في مواقع سبق أن أرخت بوسائل تأريخ علمية ومقارنة في سبيل الاستدلال على المدلولات الزمنية لكل عنصر من أجل المساهمة في بناء التسلسل الطبقي في موقع دادان.
أما الأستاذ بقسم التاريخ الدكتورة سميرة القحطاني، فتحدثت عن بعض ملامح العمارة المدنية ومصطلحاتها في كتابات المسند الجنوبي، هادفة إلى استجلاء بعض ملامح العمارة في جنوب شبه الجزيرة العربية، ولاسيما العمارة المدنية، وذلك من خلال ما توافر لديها من نقوش المسند الجنوبي، التي ورد فيها عدد من المصطلحات المعمارية المدنية، ودلالات واضحة عن البناء ومواده وأسماء المدن والقصور والسدود والقلاع والحصون وغيرها من المنشآت المعمارية.
وأضافت أن المنطقة إضافة إلى عمارة القصور والمنازل اشتهرت بعمارة وهندسة القناطر والسدود، وتنوعت فيها أعمال الري المختلفة، التي اهتم بها سكان المنطقة وكانت في بدايتها نظما تقليدية ثم تطورت إلى ما يعرف بأنظمة الري "السدود" لحفظ مياه الأمطار ولعل من أشهرها سد مأرب.