ليس المقام هنا للتذكير أن فضيلة الشيخ الدكتور محمد العريفي، مقتدر وسليل بيت ثري، وأن الدكتور محمد آل زلفة، ابن واحد من أعرق البيوت نسبا ورفعة وأصالة وريادة وقيادة قبيلة.

المثقف الحقيقي هو من لا يشتم، والمثقف الحق هو من يتكئ على الكتاب، وحين تخرج ألسنة المثقفين من قراءة سطور الكتب فإنها تخرج إلى سطور العوام ولغة الطوام، وهذا ما أعتب فيه بشدة على – القامتين – وإن كنت جازما وحازما حين أعتب على أخي العزيز محمد العريفي لأنه أول من خرج عن – النص – وهو يحذف "أل" التعريف من اسم محاوره في إسقاط مخل، وبيننا المقطع التلفزيوني للإثبات، رغم أنه قد لا يعلم عراقة – الاسم – وسطوعه بدلالة التعريف أو إسقاط النكرة.

وعلى كل حال فإن الاستفزاز يخرج المرء عن طوره ووقاره، ولا مجال هنا لتبرئة أي من الاثنين عن الخطأ الحتمي الذي صار حديث الركبان، وهنا سنعود إلى النقاش الأصل: هل خرج حوارنا الثقافي من قواعده وأصوله وهل أصبح هذا الإسفاف المخل هو الوحيد الذي نتناقش حوله؟

والجواب تبرهنه الحادثة التي طارت بأوداج وألسنة المثقفين وهي تبرهن أن المشهد الثقافي بات يتصارع حول القضايا الثانوية ويحشد لها البرامج. فمن أجل – عيون – تغريدة واحدة شاردة للزميل العزيز الصديق صالح الشيحي انقسم الوسط الثقافي وسمعنا عشرات المقاطع والمشاهد، وقرأنا مثلها من الأعمدة والزوايا، واستمعنا إلى حفلات الشتم المتبادلة بين الأطياف والأطراف.

برهن هذا المشهد الثقافي مثلما برهنت هذه الأسماء اللامعة عن خفة في وزن الريشة من أجل مجرد تغريدة قالها صاحبها ليعبر عن رأيه وعن قناعاته، وتناسى هذا المشهد الخفيف جدا أورام مشهدنا الثقافي وصلب قضاياه وجوهره.

فجأة تحول الغالي الأخ، أبو حسام، إلى شيخ طريقة جديد، وكأنه الأول الذي دافع عن فضيلة أو ردع رذيلة، وفجأة هبت له الزيارات وفزعت له كتائب المحامين الذين تبرعوا للذود عنه. وفي المقابل استمع صديقي الغالي، إلى قاموس الشتم، ما جعلني استجديه أن يقفل جواله وأن يهرب إلى الوحدة والسكينة وأن يعتزل ثانويات هذا المشهد الثقافي لفترة من الزمن، وأكثر من هذا ألا يقع في فرائس الطرفين وألا يكون – النبال – الذي يتقاذفون به بينهم البين، لأنه أكبر وزنا وأكثر تأثيرا من أن يكون الوسيلة التي يتبادلون بها شتائمهم وتصفية حساباتهم الواهمة.

عودا على بدء: المثقف الحقيقي هو الذي يصارع الكتاب والنظرية لا من يصارع ويقارع تغريدة وحيدة شاردة.