تلك حالة نادرة، لكن سمير عبدربه أحد القياديين في شركة (سابك) يقول وبكل اعتزاز إنه منذ باشر عمله في شركة (سابك) قبل عقدين وحالة الرضا والمتعة بالعمل تحاصره في كل القطاعات والإدارات التي عمل بها وفي كل المناصب التي تولاها في (سابك).

ففي لقاء جمعني إياه وبعض الإعلاميين في مدينة الرياض الأسبوع الماضي كان لافتا للزملاء هذا الشعور المعنون بالعشق والولاء لجهة العمل والذي عززه صاحبنا سمير حينما قال وهو يبتسم إنه في الغالب يحضر إلى دوامه في الفترة الصباحية قبل الفترة المقررة بساعة أو نصف ساعة وفي أحيان كثيرة لا يخرج أيضا إلا بعد الفترة المقررة وحتما أن السبب الأبرز الذي يقف وراء هذا الحضور المبكر والانصراف المتأخر هو المتعة التي يجدها في عمله وخلو بيئة العمل من أي عوامل ومسببات لشعور بالملل والتكرار.

وفي ظني أن العمل بمتعة ودون ملل وضجر سمة من الصعب أن يعشقها أو يشعر بها أي شخص لولا أن مقومات وحوافز الجهة التي يعمل بها والبيئة التي تحيط بهذا الشخص يطغى عليها الكثير من المشوقات والدوافع وبالتالي ينعكس حالها هذا على العاملين فيها، فيوم يشعر الشخص بأن عمله يعامله وفق كفاءته وقدراته ويمنحه كل فرص التفوق والإبداع حتما سيجد نفسه مخلصا ومنتجا ومحبا لعمله وللجهة التي منحته كل تلك الفرص والنجاحات.

الطريف أن أحد الحضور علق على حضور سمير عبدربه إلى العمل باكرا سائلا إياه ما إذا كان رئيسه في العمل يشعر بهذا وعسى أن يكون مقدرا له هذه العادة غير المألوفة فضحك عبدربه وقال اعتدت أن أجده وغيره على مكاتبهم قبلي!.

هذا الموقف يذكرني بمسؤول آخر يعمل في شركة أرامكو، التقيته ذات يوم في تقرير صحفي لصالح هذه الصحيفة وسألته عن مسألة النظام والالتزام بساعات العمل وساعات الحضور والانصراف فروى لي قصته مع الدوام وقال "مرت علي فترة كنت لا أتمكن فيها من الخروج من العمل إلا بعد ساعة من نهاية الدوام وكنت أظن أنني الوحيد الذي أفعل ذلك ولكنني فوجئت في كل يوم أتأخر فيه في مكتبي أنه عند خروجي إلى مواقف السيارات ألتقي رئيس أرامكو آنذاك المهندس علي النعيمي الذي لم أتمكن مطلقا من أن أخرج بعده لأحقق انتصارا عليه ولو مرة واحدة".

الشاهد من كل ذلك أن قلة هم من نسمع أنهم يعشقون عملهم ويعشقون الجهات التي يعملون فيها ولهذا حينما يتحدث سمير عبدربه أو صاحبي في شركة أرامكو عن هذا الجانب يكون حديثهما غريبا ولافتا ويدفعنا للكتابة عنهم متسائلين متى نذهب لأعمالنا حبا للعمل وبيئة العمل لا تحت تهديد دفتر وكروت وبصمة الحضور والانصراف؟