ليس عليك إلا أن تذهب إلى اليوتيوب ثم تضع الاسم باللغة الإنجليزية لتجتمع بالتركي العبقري مصطفى آل داوود. إنه من مواليد أوريجون في أمريكا ومعه مجموعة من الشباب والفتيات بعمر الورد في العشرينات والثلاثينات، في لباس محتشم وذوق رفيع وموسيقى تأخذ بالألباب وبثماني لغات تمتد بين العربية والتركية والصينية والإسبانية والفارسية والمالاوية والإندونيسية، ينشدون توحيد الله بصوت عذب وموسيقى تنتشر تحت الجلد كأنها الكهرباء، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، وبمعان تلين فيه جلود المؤمنين بعد القشعريرة! حقيقة كانت اكتشافا لي وحبورا وأملا بأن الإسلام يجدد نفسه بطرق مختلفة بين البرهانية والعرفانية على حد تعبير الجابري المغربي، وأصغيت ثم أصغيت خاشعا متأثرا بل باكيا لأنشودة أولئك الفتية عن الحب والموسيقى، وطلبت من صهري أن يحضر لي كل موسيقاهم.
لقد تذكرت الفارابي الذي أسكر القوم بخمر من الموسيقى فضحكوا ثم بكوا ثم ناموا، وأنا ما نمت ولكن تذكرت فجأة أجدادي الأتراك، وقلت حياكم الله في تجديد الملة والشريعة، إردوغان يقوم بتكتيك جديد في فك حصار غزة.
أصغيت إليك يا مصطفى وأنت تمدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنت تغني بالعربية والتركية ثم الإندونيسية ثم تثلث بالفارسية والإسبانية، في ألحان بديعة وأنغام رفيعة، وأنت شاب صغير لم تصل الثلاثين بعد، متزوج محصن بعائلة مستقرة، ومعك فتيات محتشمات بلباس التقوى، وبأيديهن آلات شتى من الموسيقى ينشدن في مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم، قلت إنه فعلا تجديد للروح ونسخة إسلامية نادرة عندنا لا نعرفها، أصغيت إليه في غاية التأثر وأنا أرى حوله رهطا من الشباب المتبتلين، منهم من هو أبيض ناصع بلون الثلج من السويد وويلز، ومنهم أسود يلمع سوادا من السنغال وجنوب السودان، ومنهم بين بين، ترى فيهم ذلك التمازج المذهل من النسخ الإنسانية، التي اندمجت معا تحت راية النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، يوحدون ويذكرون وتلهج ألسنتهم بذكر الرحمن، وماكان أحدهم شقيا بل بار بدينه يحمل الحب والسلام في كل مكان..
إنهم فريق عمل رائع يتنقلون من مكان لمكان، قد بدؤوا عملهم عام 2001م من أصول أمريكية، تذكرني أيضا بفريق السخرية والفكاهة والظرف العربية الأمريكية التي تتنقل بدروها من مكان لآخر تسخر من بوش وربعه، أخذوا اسم ديبو وهو من الإندونيسية ويعني غبار الطريق، يريدون ألا يركز أحد على شخص دون شخص، لأنهم كما يعرفون أنفسهم على طريق الحب الذي هو أول درجات دخول الجنة، "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين"، ومن أروع ما فيهم حضور المرأة الرائع المحتشم المشارك المتواجد ليس مثل راقصات الشرق الأوسط من وهبي وعجرم وبجرم بل غناء يسحر، فيبكي السامع والرائي ويطلب من الله التوبة كما فعل أبونا آدم من قبل فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. إن الإسلام يأخذ صور نماذج شتى والحمد لله.