يظل اهتمام الأديب الحقيقي بجمهوره من القراء حتى في أصعب الأوقات وأدقها بالنسبة له، بل يشعر الكاتب في تلك الأوقات القاسية أنه من حق قرائه عليه أن يشاركوه تلك اللحظات، وأن يقدم لهم كلماته التي اعتادوها وإن اختلف جرسها ووقع رنينها وجنح إلى المأساوية، وليس من وقت صعب أكثر من لحظات الموت أو انتظاره، وهذا بالضبط ما فعله الكاتب الصحفي، الأديب والشاعر الهولندي مارتن بريل.
فعندما علم فجأة في عام 2008 أنه مصاب بمرض لم يتوقعه قط وهو سرطان المريء، قرر ألا يتوقف عن الكتابة ليستسلم لآلامه حتى موعد الرحيل الأبدي، بل ظل يكتب، هذه المرة كان يكتب عن مشاعره، وعن مراسلاته مع الأطباء، ويكتب عن أصدقائه الذين وقفوا بجانبه أو الذين انصرفوا لشؤونهم، ولم يسقط القلم من يده إلا لحظة فارق الحياة في 22 أبريل 2009 ، مخلفا وراءه آخر كتاباته وهو على فراش الموت، دون أن يمهله القدر لنشرها.
غير أن وفاء الجمهور للكاتب جعل إحدى دور النشر التي كانت تتعاون معه في حياته، تبحث عن آخر كتاب له لم يتمكن من نشره بسبب موته، لتتولى مهمة طبع وبيع الكتاب لصالح أرملة الكاتب التي أشرفت على ترتيب أوراق الكتاب الذي يضم رسائله الورقية، وعبر البريد الإلكتروني، ومشوراته مع أطبائه، وتواصله مع العائلة والأصدقاء. الكثير من المشاعر والخطابات الحزينة حول الموت والفراق سيتضمنها الكتاب الذي سيحمل اسم " السرطان فجأة "، والذي يترقب صدوره القراء من عشاق كتابات وأشعار مارتن بريل يوم ذكرى وفاته الثانية في 22 الجاري ليكون بين أيديهم.