يرى اقتصاديون أن التوسع في الاستثمار بالمدن الصناعية والاقتصادية يعتمد بشكل رئيس على توفر إمدادات الغاز الذي يمثل مصدرا أساسيا للطاقة لأغلب الصناعات واللقيم الذي تقوم عليه الصناعات البتروكيماوية بشكل خاص.

فيما يخشى صناعيون تعثر الاستثمارات المستقبلية في تلك المدن نتيجة قصور شبكة نقل الغاز، وعدم توفيره بالكميات اللازمة رغم جهود شركة أرامكو السعودية في هذا المجال.

وقال نائب رئيس شركة أرسيلور ميتال العالمية للحديد والصلب بالشرق الأوسط العضو المنتدب للشركة بالسعودية محمد الجبر في تصريح إلى "الوطن" أمس إن المستثمرين يتطلعون لأن تتنامى إمدادات الغاز بصورة أكثر لتغطية الطلب المتوقع من الصناعات مستقبلا في الجبيل وينبع.

وذكر أنه بالإمكان تحديث وتطوير شبكة أرامكو للغاز لدعم المدن الصناعية والاقتصادية بالمملكة سواء في جازان، أو حائل أو رابغ وغيرها، فاحتياطات المملكة من الغاز وفيرة، وقال: نلحظ تواتر اكتشافات حقول الغاز في مناطق مختلفة من البلاد، فإنشاء وتحديث هذه الشبكة أضحى مطلبا ملحـّا لدعم مشاريع التنمية، ولا بد أن يكون هناك استراتيجية تستهدف تحديث وإعادة إنشاء تمديدات البنية التحتية التي تحتاجها المدن والصناعات من كهرباء ومياه وصرف صحي، وتصريف سيول وخدمات ونحوها خلال السنوات الـ 5 إلى 10 القادمة، ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات في هذا المجال إلى مليارات الدولارات.

وأشار إلى أن استثمار الوقت لتطوير البنية التحتية بالمملكة أو إعادة إنشائها أصبح ضروريا ومناسبا لا سيما وأن مشاريع التنمية والبنية التحتية بالمملكة بحاجة ملحـّة للتحديث وإعادة البناء، ومن المؤكد أن المسؤولين في أرامكو، والجهات المسؤولة ذات العلاقة تنظر لهذا الأمر بجدية تامة، ومن المرجح أن يكون هناك خطط لدى الجهات المختصة لتطوير أنابيب تلك الخطوط وإعادة بنائها. وأكد الجبر أن الوضع أصبح أكثر إلحاحا في ظل ما تتمتع به المملكة من مميزات جاذبة للاستثمار، وما تمتلك من توفر صناعة الأنابيب، وصناعة الخام اللازم لصناعة الأنابيب، وصناعة مسطحات الصلب، وتوفر السيولة المادية التي من شأنها خلق التنمية.

وقال المحلل الاقتصادي فضل البوعينين في تصريح إلى "الوطن"، أمس إن بعض المجمعات الصناعية تواجه إشكالات في توفير كمية الغاز اللازمة، ما قد يؤثر على توسع صناعة البتروكيماويات والصناعات الأخرى المعتمدة على الغاز.

وأشار إلى أن الصناعات تعتمد اعتمادا كليا على الغاز باعتباره مصدرا للطاقة ولقيما للصناعات البتروكيماوية، ومن الصعب أن تنمو الصناعات دون توفر الكميات اللازمة والمناسبة من الغاز وشبكة تسهـّل نقل الغاز إلى مواقع الاستخدام.

وأوضح أن ذلك يؤكد الحاجة إلى ضرورة وجود شبكة حديثة متكاملة تغذي كافة مناطق المملكة، مبينا أن شركة أرامكو السعودية تعمل جاهدة على تنمية وزيادة إنتاج الغاز وتطوير الحقول والاستكشافات الجديدة، الأمر الذي يعزز الثقة بقدرة الشركة على مواجهة الطلب المحلي المتنامي على الغاز دون الحاجة للاستيراد من الخارج.

وذكر أن خيار التخصص الصناعي في مناطق معينة وتنوعه في مناطق أخرى هو المحدد للحاجة في التوسع بنشر شبكة النقل بين تلك المناطق، مشيرا إلى أنه من غير المنطقي أن نطالب المدن الصناعية والاقتصادية في المناطق بتنويع الصناعات فيها دون توفير ما تحتاجه من الغاز، الأمر الذي يعني ضرورة تغطية الشبكة الوطنية للغاز لمدن المملكة كافة، وخاصة مع توفر الملاءة المالية، والقدرة الفنية والتقنية التي تتمتع بها أرامكو.

وقال البوعينين: إن توسع شركة أرامكو في الصناعات البتروكيماوية أمر جيد ولكنه قد يؤثر مستقبلا على المنافسة بين الشركات السعودية، وأحقيتها في الحصول على كميات عادلة من الغاز، فلا بد من تحقيق العدالة فيما يتعلق بتوزيعات الغاز المستقبلية للقطاعات الصناعية، مضيفا أن ذلك يتطلب الإعلان عن استراتيجية واضحة في هذا المجال تعزز نهج الشركة الداعم للاقتصاد الوطني وعجلة التنمية والتطور الصناعي التي تعتبر محور ارتكازه الرئيس، ومحركه الأول والدائم.

من جانبه يرى الرئيس التنفيذي السابق للشركة المتقدمة للبتروكيماويات بالجبيل المهندس علي الشعير، أنه لا بد من توفير مصادر الطاقة المختلفة وفي مقدمتها الغاز لكل مدينة صناعية بالمملكة، سواء التابعة لهيئة المدن الصناعية أو منظومة المدن الاقتصادية.

وقال إن توفير الغاز مسؤولية شركة أرامكو السعودية، أما توزيعه فبإمكان القطاع الخاص أن يتولى هذه المهمة ويؤديها على أكمل وجه، فالمدن الصناعية والاقتصادية اليوم بحاجة إلى ربطها بشبكة للغاز لتوفر الطاقة واللقيم ما يعجل بنمو تلك المدن والصناعات فيها الأمر الذي ينعكس إيجابا على النمو العام للاقتصاد الوطني.