ما هو المطلوب من مجلس الشورى؟ ولماذا تكثر الانتقادات حوله والمطالبات؟ ألم يؤد المجلس دوره المطلوب حتى الآن؟ ألا يمتلك المجلس صلاحيات تمكنه من تحقيق طموحات وتطلعات المواطنين؟ هذه الأسئلة وغيرها، يتعاطاها المواطنون في المملكة، بشكل يومي في مجالسهم الخاصة والعامة.
لنتحدث في البداية عن المهام الأساسية للمجالس النيابية والبرلمانات -على مستوى العالم- والتي تتمثل في تشريع السياسات العامة للدولة، وسن واعتماد القوانين وتعديلها بعد مناقشتها، إضافة إلى مراقبة ومتابعة عمل السلطة التنفيذية ومحاسبتها، واستدعاء الوزراء أو المسؤولين التنفيذيين المباشرين لمناقشة أداء وزاراتهم، أو مؤسساتهم، بين الفينة والأخرى، أو عند حدوث خلل يستدعي الاستفسار الذي يؤدي أحيانا إلى حجب الثقة عن الحكومة، أو بعض وزرائها الذين وصلوا للحكومة عبر البرلمان! ولهذا فإن الدور الرقابي للبرلمان أو المجلس على السلطة التنفيذية يشكل حجر زاوية لتلك المؤسسة التشريعية التي تستمد قوتها من الشارع الذي يمثله الأعضاء والنواب.
في المملكة إلى الآن، ينحصر دور مجلس الشورى في الجانب الاستشاري فقط، وفقاً للصلاحيات الممنوحة له في (المادة 15) من النظام الأساسي لمجلس الشورى: "يبدي مجلس الشورى الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء، وله على وجه الخصوص مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، ومناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها".
وفق ما سبق، فإن المجلس لا يملك سلطة سن القوانين والتشريعات، كما هي برلمانات العالم، نظراً لكونه "مجلسا استشاريا"، وهو أيضاً لا يملك حق الاختيار في دراسة ومناقشة السياسات العامة، كما أنه يفتقد صلاحية محاسبة المسؤولين التنفيذيين.
وعليه، إذا ما أردنا أن نقيم عمل المجلس وفقاً لصلاحياته، فلنكن منصفين، ولنعترف بأن المجلس يقدم دوراً إيجابياً، بل ويتجاوز بالقفز في كثير من الأحيان فوق صلاحياته، بهدف تقديم دور إيجابي يلامس متطلبات الناس.
عن "الشورى" يتحدث البعض بشكل يوغل في العاطفة، هدفه حرق المراحل، واختصار التجارب البرلمانية العريقة التي احتاجت إلى قرون لتنضج، وكذا هو الحال مع مجتمعاتها التي سارت جنبا إلى جنب مع تلك التجارب البرلمانية، ولهذا يذهب البعض إلى الحديث عن انتخاب المجلس، بينما الشورى الذي نحتاج - في ظل دعم خادم الحرمين وولي عهده لكل ما من شأنه رفعة الوطن والمواطن- هو ذلك الذي يملك صلاحيات أكبر في المحاسبة وسن القوانين، لمواكبة المرحلة الهامة التي نعيشها، وأن يفعل تدريجياً دوره التشريعي على حساب الاستشاري، ليواكب الطموح والآمال بعد نجاحات عدة تحسب له، في ظل دعم قوي من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد في الإصلاح وتلمس كافة احتياجات المواطنين وتفعيل المحاسبة.
قصور إعلامي:
على الرغم من ذلك؛ نجد ما يبرر الانتقادات الصحفية التي تلاحق مجلس الشورى، فبعد أن أتاح الفرصة لوسائل الإعلام المختلفة بالتواجد تحت قبته، وعقد الدورات التدريبية لبعض منسوبي وسائل الإعلام السعودية حول الصحافة النيابية، تأكيداً على اهتمامه برسالة الإعلام في أن يكون همزة الوصل بينه وبين الرأي العام، إلا أنه لم يزل يعاني من خلل كبير في هذا الجانب، إذ يعتمد على مراسلي وسائل الإعلام في نقل وتفسير فعاليات وأخبار المجلس؛ مما يؤدي ـ في بعض الأحيان ـ إلى افتقاد الدقة في نقل الخبر والإحاطة بخلفياته، تماماً كما حدث في قضية "راتب التقاعد" ووسام الملك عبدالعزيز، وكذلك خبر انتقاد رئيس المجلس للأعضاء الصامتين. كل ذلك يؤكد أن هناك حاجة لعقد مؤتمرات صحفية بعد مناقشة الموضوعات المهمة، يشارك فيها أمين المجلس والمتحدث ورئيس اللجنة المعنية، إضافة إلى تقارير إعلامية رسمية عقب كل جلسة، لنضمن بذلك كإعلاميين إيصال صورة دقيقة لما يدور داخل المجلس، بعيداً عن اللبس، والضبابية، والسلبية.