لو ثبت أن قضية مثبت السرعة حقيقية، فهذا يعني أن أمرها بسيط يتطلب محاكمة الشركة وتعويض المتضرر مادياً ومعنوياً ثم الاعتذار للمجتمع، ولكن مع صحة هذا الافتراض يبرز سؤال مهم وهو: لماذا حُبكت مع تعمد حشوها بحكايات خيالية؟ دون الالتفات إلى أي تقرير يصدر من الشركة أو من حماية المستهلك، فإنه يسهل حتى على الإنسان غير المتخصص أن يدرك أن حكاية إطلاق الرصاص على السيارة (ما تنبلع)، وبالتالي لابد من التحري عن دوافع هذا العمل إن كان فيه كذب وذلك من باب الدفاع عن حق المستهلك، لكي يتخذ قراره بنفسه دون أي تأثير.

إنه من غير المعقول أن يتم إيقاف السرعة الصاروخية للسيارة بطريقة فيها استخفاف بالعقول. فهل يعقل أن تسير السيارة بسرعة 240 كلم من غير أن تعترضها مطبات أو منعطفات تستوجب تخفيف السرعة ومن دون حدوث انقلاب؟ وهل يعقل أنها كانت تطير بهذه السرعة من غير أن تكون أمامها سيارات؟! لكن الأغرب من ذلك حكاية الاتصال بالشركة لكي يأخذوا منها الوصفة السحرية لإيقافها أثناء طيرانها على الخط السريع من دون تسببها لحادثة واحدة على الأقل! أما الذي لا يمكن تصديقه وهو أن الوصفة كانت عبارة عن عيار ناري يطلق على زجاج السيارة وعندئذ تتوقف بدون أضرار، وتتوقف معها قصة الفيلم الذي لا يمكن أن تقل مدة عرضه بهذه الصورة عن عشر دقائق بدون حوادث!

من الطبيعي أن يشم المرء شيئا ما وراء هذا الإخراج. صحيح أنه من الممكن لأي أحد ألا يصدق تسريبات تقرير الشركة التي تقول إن فحصها لعدة سيارات أمام مندوبي جهات رسمية بيّن عدم وجود خطأ في التصنيع، ولكن من الواجب على وزارة التجارة والمرور وحماية المستهلك في هذه الحالة أن يكذبوا التقرير إن وجدوه غير صحيح. أما وأن الأمر غير ذلك فإنه يوحي بوجود (فبركة)، وبالتالي فعليهم أن يحققوا ويبحثوا عن المسؤول في خروج تقارير صحفية وتلفزيونية خيالية تحدثت عن إطلاق الرصاص على السيارة.

بدون شك لو ثبت الخطأ على الشركة فإنها سوف تخسر سمعتها ووجب عليها الاعتذار والتعويض. ولكن لو ثبت عكس ذلك فسوف تكسب وتستفيد من هذه الحملة من غير أن تدفع قرشاً واحداً. وفي هذه الحالة لابد أن نسأل: هل قامت إحدى وكالات السيارات المنافسة بالتخطيط لهذا الفيلم؟ على كل حال، إن الفائدة المحصلة من هذه القضية هي أن تدرك وكالات السيارات أن المستهلك أصبح لديه وعي كامل بحقوقه، وبالتالي عليها أن تطالب شركات السيارات المصنعة بتوفير ضمانات لسياراتها بنفس المواصفات التي تضمنها للمستهلك في أوروبا واليابان وأميركا.