بـ"حبة بندول" جابه وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم مداخلات حضور الندوة العلمية بخميسية حمد الجاسر الثقافية في الرياض أمس بعد أن انتهى، وهو ينثر أوراق وخبايا وزارته، إلى انتقادات لاذعة حول مستقبل الزراعة والموارد المائية في المملكة.
وعبر بالغنيم عن أسفه مما وصفه بـ"التصورات السيئة" التي رسمت عن الزراعة بالمملكة؛ من حيث الاعتقاد بتوزيع الأراضي على كبار الشخصيات وتعليق مسألة ومصير الزراعة على القمح فقط، واصفا إياها بـ"المزعجة والقاتمة".
كما شدد على أن دعم الدولة لتنمية القطاع الزراعي "مشجع" وهي تشتري كيلو القمح بـ 3.5 ريالات. وقال: أي واحد عنده 100 ألف ريال أعتبره "خبل" إذا لم يستثمر في زراعة القمح التي تنعم بدعم غير محدود.
وتحول بالغنيم في اللقاء إلى الجانب التنموي ليستعرض خطة لعلاج الاختناقات المرورية بالزراعة. وقال: إن الاهتمام بالمناطق الريفية سيساهم في تحقيق التوازن الإقليمي والحد من الهجرة إلى المدن وتخفيف الضغط السكاني عليها.
وحذر كذلك من الخل الأبيض الموجود في الأسواق مؤكدا أنه مصنع من مشتقات بترولية، داعيا إلى ضرورة التوجه إلى خل الفواكه.
وزير الزراعة الذي بدا متذمرا من مداخلات بعض المشاركين، ظهر في نهاية اللقاء ضاحكا وهو يحسم الجدال مع من قالوا بأن الزراعة تشكل عبئا على الدولة لصالحه، ورد عليهم أخيرا: من الجميل أنني استطعت تغيير قناعاتكم.
على غير هدوئه المعتاد، رمى وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم بـ"مشلحه" جانباً، ونثر أوراق وخبايا وزارته أثناء حديثه في الندوة العلمية بخميسية حمد الجاسر الثقافية أمس، حيث وصف من يملك مبلغ 100 ألف ريال ولم يستثمرها في زراعة القمح بـ "الخبل" لما تحظى به من دعم حكومي. وأكد أن قصص نجاح القطاع الزراعي مهددة بـ"الانهيار"، محذراً من الخل الأبيض الموجود بالأسواق، نظرا لأنه يصنع من مشتقات بترولية حسب قوله. وباح بالغنيم خلال حديثه في الخميسية، بحلول زراعية لمشكلة الاختناقات المرورية والتي جعلته "أسير المنزل". وقال: بالرغم من مطالباتي المتكررة بوقف التمادي في زراعة النخيل وما صاحبها من هجوم تعرضت له، أنا مهووس بالنخيل، وأستمتع بالجلوس تحتها في مزرعتي بمدينة الأحساء.
وعبر بالغنيم عن أسفه للتصورات السيئة التي رسمت عن الزراعة بالمملكة؛ من حيث تعليق مسألة ومصير الزراعة على القمح فقط، إضافة إلى الاعتقاد بتوزيع الأراضي على كبار الشخصيات وحيازتهم العالية، واصفا تلك التصورات بـ"المزعجة والقاتمة" عن الزراعة.
توطين الزراعة
وأكد بالغنيم على أهمية القطاع الزراعي في تحقيق التوازن الإقليمي والحد من الهجرة إلى المدن. ووصف من يهملون ويغضون الطرف عن أهمية تلك الهجر بـ"على أعينهم غشاوة". وتابع: الوضع خطير جداً، ولا يمكن تطوير الزراعة وسط التنقل من البادية إلى المدن، مضيفاً أن استمرار الهجرة جعل مدينة الرياض وحدها تستحوذ على 6 ملايين نسمة، وهذه مشكلة. وقال "أتمنى ألا أخرج من المنـزل بسبب الزحـام، ونحـن بالزراعة نسـتطيع المساهمـة في تخفيف الاختـناقات المروريـة".
وأضاف بالغنيم أن مؤسس البلاد الملك عبدالعزيزـ طيب الله ـ ثراه استخدم الزراعة بهدف التوطين، الأمر الذي أدى بدولة سورية إلى الطلب من المملكة قبل عامين معرفة تجربتها في توطين البادية عن طريق الزراعة. وقال "نتمنى أن تستقطب المدن الريفية أكبر عدد من السكان لتطور الزراعة بالمملكة".
المساحة الزراعية
وبيّن بالغنيم أن بنية القطاع الزراعي في المملكة استخدمت أفضل استخدام؛ واستطاعت أن تتبوأ أفضلية الإنتاجية على كافـة مناطـق الشـرق الأوسـط وشمال أفريقيا، وذلك عبر التوزيع المتوازن الذي حظي به القطاع الزراعي، مبدياً سعادته وتفاجؤه من لغة المزارعين العلمية أثناء زيارته للمزارع عقب تعيينه وزيراً للزراعة.
وأبان بالغنيم أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بالمملكة تبلغ 49 مليون هكتار، إلا أن مجمل مساحة الحيازات الزراعية المستخدمة حالياً لا يتجاوز 4.3 ملايين هكتار، بنسبة 21% فقط، منها ما يقارب 3 ملايين هكتار موزعة بالمجان على المزارعين، فيما تشكل مساحة الغابات ما نسبته 1.2% من مجمل المساحة، بينما تبلغ مساحة المراعي 170 ألف هكتار.
وقال "الناس تستخف من مسمى المراعي بالمملكة، إلا أننا ننعم بها، ولكنها تتعرض لتدهور بسبب سوء الاستخدام، وبعض المزارع أصبحت مهجورة للأسف". وأشار الوزير إلى أن عدد العاملين الوافدين في مجال الزراعة يبلغ 510 آلاف عامل مزارع، بينما يبلغ عدد العاملين السعوديين 245 ألف مزارع سعودي، وتشكل نسبة السعودة ما نسبته 48%.
معدلات الاستهلاك
وكشف بالغنيم عن توقعات وزارته بارتفاع استهلاك القمح بالمملكة إلى 3.2 ملايين طن سنويا خلال عام 2015، حيث تستهلك المملكة في الوقت الحالي ما يقارب 2.7 مليون طن قمح سنوياً، إضافة إلى نزول استهلاك الشعير إلى 3 ملايين طن بدلاً من 7 ملايـين طن حالياً بسبب خطط الدولة الطموحة الرامية إلى خفض استهلاكه، والتوجه إلى الأعلاف المصنعة.
وقال بالغنيم: لا أعتقد أننا قادرون على إنتاج كافة مستهلكاتنا الغذائية، حيث إن استهلاك الفرد من الغذاء يفوق الحد المتوسط لباقي استهلاك الفرد بدول العالم، والمملكة تنتج ما نسبته 90% من الخضار، و60% من الفواكه، و38% من اللحوم الحمراء، و48% من الدواجن، و48% من الأسماك، وهو فوق الاحتياج والباقي يصدر إلى دول الخليج، والألبان 100% منتج سعودي دون استيراد.
وبالرغم من تلك الأرقام أسدل بالغنيم الستار عن حجم واردات المملكة غذائياً، حيث تفوق وارداتها الغذائية شهرياً 4 مليارات ريال.
الدعم الحكومي
ونوه بالغنيم بالدعم السخي الذي يجده قطاع الزراعة إلا أن ذلك الدعم أقل بكثير مما تسمح به شروط منظمة التجارة العالمية، وقال "الاعتقاد بأن الدعم يفوق حاجتها وبأرقام كبيرة غير صحيح، العالم يدفع يومياً مليار دولار لدعم الزراعة، والبقرة تتحصل على 16 دولارا في اليوم الواحد في الدنمارك، فلا تقولوا إن الدولة تخسر مبالغ طائلة على الزراعة بالمملكة، فذلك غير صحيح، بل ضئيل جداً عن غيرنا".
وهدد بالغنيم بأن قصص النجاح الزراعي بالمملكة مهددة بـ"الانهيار"، وبيّن أن وزارته تهدف إلى تخفيف التلـوث البيئي الناجم عن النشاط الزراعي.
المبيدات الكيماوية
وعن المبيدات الحشرية والزراعية، قال بالغنيم إن وزارته مسؤولة عنها وتراقبها بالأسواق ولا تسمح بدخولها البلاد إلا بعد فحصها، وإنها ألغت استخدام واستيراد 30 مبيدا العام الماضي بسبب قوتها على المحاصيل، كما تراقب وارداتها النباتية لفحص بقايا الكيماويات عليها.
وجدد بالغنيم مطالبه بعدم التمادي في زراعة النخيل، مؤكدا أن هذا الأمـر تسبب في هجوم البعض عليه.
وقال "أنا مهووس بالنخيل، وأستمتع بالجلوس تحتها في مزرعتي في مدينـة الأحساء، وإذا كان البعض يرى التوسع بها لتصديرها للخارج فالأفـضل التوسع بالقمح لتصديره للخارج بدلاً من النخيل".
وحذر بالغنيم من الخل الأبيض الموجود بالأسواق، مؤكدا أنه مصنع من مشتقات بترولية، داعيا إلى ضرورة التوجه إلى خل الفواكه، كاشفاً عن أن سعر الألبان قبل 20 عاما كان أعلى من الحالي، وأن أسعارها لم ترتفع حالياً بالرغم من ارتفاع أسعار الأعلاف. وشدد بالغنيم على أن دعم الدولة لتنمية القطاع الزراعي "مشجع"، فهي تشتري كيلو القمح بـ 3.5 ريالات. وقال: أي واحد عنده 100 ألف ريال أعتبره "خبل" إذا لم يستثمر في زراعة القمح التي تنعم بدعم غير محدود.
مداخلة ساخنة بالندوة
• قال محمد المحيسن في مداخلته: الواقع الفعلي للوزارة على الورق "حلوين" والفعلي أنتم "مدمرون للماء" ونحن لا نحتاج للزيتون الذي تتوسعون به وتتغنون به فلن نصل إلى مصاف إسبانيا في ذلك، إضافة إلى ورود أنباء عن عدم ارتياح مسؤولي الوزارة من أبحاث الزراعة في الوقت الحالي.
ورد الوزير قائلاً: قبل أن تلقي الاتهامات تأكد من القرائن والأدلة، فأنا لا أعرفك ولم أقابلك ولا أعرف مؤهلاتك ولا من تكون، لكنني أطالبك بألا تكون عنيفا في كلامك معي، فالعنف لا يكون بالسلاح والرعب وكأننا نشاهد فيلماً مرعباً فحسب، بل إن عنف الكلام أشد وقعا على النفس، وأتمنى من شخصك الكريم أن تبادلنا الأسلوب الطيب، وأطالبك بأن تحسن تعاملك فإن لم تفعل ذلك، فسأرد على أمثالك.
مشاهدات من الندوة
• أدت مداخلة إلى غضب الوزير ليخرج من جيبه كبسولة "بندول" ليتناولها، وهو يقول: جعلتنا نأكل بندول، حسبي الله عليك.
• شهدت المداخلات سجالاً بين مثقف والوزير من جانب، ومتداخل ومقدم الندوة الدكتور حسن القحطاني من جانب آخر.
• وجه أحد المداخلين عتابا لمقدم الندوة بسبب تأخير مداخلته بالرغم من طلبه لها منذ فترة مبكـرة ليعـلق الوزيـر قائلا بهدوء "لا تتخانقون".
• استطاع الوزير تغيير قناعات بعض الحضور عن واقع الزراعة بالمملكة والذين كانوا يظنون أنها تشكل "عبئا" على موازنة الدولة ليرد الوزير ضاحكاً: من الجميل أنني استطعت تغيـير قناعاتكم.