بات هاجس هروب العاملات المنزليات يشكل إرهاقا نفسيا لدى الكثير من ربات البيوت، لاسيما العاملات منهن، خاصة بعد الظروف الأخيرة التي شحت فيها العاملات الآسيويات، مما دعا الكثيرات منهن إلى اعتماد أساليب مختلفة للحفاظ على بقاء العاملة المنزلية في العمل أطول فترة ممكنة.

وأكد العديد من السيدات أن الحصول على الخادمة من سيدات امتهن هذه المهنة بات كالسوق السوداء، حيث وصل سعر العاملة المنزلية لدى هؤلاء النسوة مايقارب 19 ألف ريال، وقد يزيد عند قرب شهر رمضان، ناهيك عن حالات النصب والاحتيال التي تحدث في هذا السوق، وكان آخرها ما ظهر في أوساط معلمات الجوف من حالات نصب واحتيال من قبل امرأة، وتتم حالة النصب بادعاء الأخيرة أن لديها عاملات منزليات جاهزات للبيع، بعد تحويل مبلغ 12500 على حساب في أحد البنوك على حد قول إحدى المعلمات.

شح العاملات أجبر بعض السيدات على اعتماد أسلوب التدليل للخادمة، فطلباتها باتت أوامر لا بد من تنفيذها، فالبعض يحتسين معها القهوة، وأخريات يقدمن لها العصير، ومنهن من يهرعن للسوق لتنفيذ طلبات العاملة المنزلية.

أماني العبدلي غيرت من معاملتها للعاملة المنزلية، خوفا من هروبها من المنزل، وعدم تمكنها من توفير البديلة حيث تقول "أصبحت أعاملها معاملة رفاهية، وأصطحبها معي في الزيارات والتنزه، فأنا لا أريد أن أكرر معاناة صديقتي التي هربت عاملتها، وتحملت هي أعباء المنزل التي لا تطاق، وامتنعت عن الزيارات والسهرات الدورية للصديقات، لعدم وجود من يرعى أطفالها بعد غيابها".

وها هي سلوى الزهراني (معلمة) تقول "لا أتخيل في يوم من الأيام أن أجد نفسي بدون عاملة منزلية، ترعى أطفالي بعد خروجي للعمل، وماحدث مؤخرا من شح الاستقدام جعلنا نتشبث بهن"، وعن معاملتها الحالية للعاملة تقول وهي تبتسم: "أقدم لها العصير كل صباح، وأصبحت كالصديقة لي".

أما فلحاء الأشجعي (معلمة) فتبتاع الأندومي لعاملتها بالجملة حيث تقول: "بعض السيدات يعتبرن العاملة كالرجل الآلي الذي لا يشعر بالألم أو الجوع أو البرد"، وعن الظروف الأخيرة وهل تسببت في تغيير معاملتها للعاملة تقول: "منذ زمن بعيد وقبل الظروف الأخيرة أحترم العاملة المنزلية، فهي أم، أو خالة، وعمة، ولها احترامها، ومطالب العاملة المنزلية أقدمها على مطالب أطفالي، ولا أنسى عند خروجي للتسوق شراء متطلباتها خاصة الأندومي وصلصة سومطرة".

منى الشراري (معلمة في المرحلة الثانوية) تقول: "العاملة المنزلية ليست للمفخرة والتباهي، وهي أولا وأخيرا إنسانة، ويجب معاملتها كإنسان، وتعرض العاملات للضرب والإهانة حالات فردية قادتنا إلى ما نحن عليه الآن من الزيادة في مبالغ الاستقدام، وحتى الحصول عليها من المكاتب وظهور سيدات يمارسن هذه المهنة، ويتحكمن بالأسعار".

تقول أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي "انتشرت الاستعانة بالعاملات المنزليات في مجتمعنا بكثرة، سواء كانت الحاجة لهن ضرورة أو لشؤون "البرستيج"، وهذا ما جعل الكثيرات خاصة الموظفات يقعن فريسة الغش والاحتيال، وأخريات اعتمدن أسلوب التدليل للعاملة المنزلية، وهو تدليل خارج عن نطاق العادة".

وتتابع قائلة إن "العاملة المنزلية حكمت عليها ظروفها بالاغتراب عن وطنها، والبعد عن أسرتها، والعمل في مجتمعات غريبة عن مجتمعها، ومن حقها أن تحظى بالعيش الكريم، والمعاملة الحسنة في جميع الأوقات، فما العاملة المنزلية إلا ضيفة في مجتمعنا، قد تنقل صورة إيجابية أو العكس عن المجتمع الذي تعيش فيه".

أما مسفرة الغامدي (أخصائية التربية الأسرية والاقتصاد المنزلي) فتقول "العاملة المنزلية أصبحت ضرورة لا بد منها عند الكثير من الأسر سواء الميسورة ماديا أو المتوسطة، ومما لا شك فيه أن عدوى التواكل والكسل انتشرت وبشكل لافت للانتباه عند العديد من الأسر، خاصة عند الأبناء الذين أصبحوا يعتمدون اعتمادا مطلقا على العاملة المنزلية في قضاء المتطلبات الأساسية أو حتى الشخصية، حتى إن بعض الأسر أصبح من أولى اهتماماتها تأمين عاملة منزلية قبل انتهاء مدة إقامة القديمة".

وتستطرد قائلة "خوف السيدات من فقدان العاملة المنزلية جعلهن يعتمدن أسلوب التدليل المفرط للعاملة المنزلية، ولكن ثمة محاذير من المبالغة والزيادة في التدليل والمدح والإطراء، فلا بد من الاعتدال وانتهاج الوسطية في المعاملة، فشكر العاملة لا بد أن يكون استجابة لعمل قامت به، مع عدم تجاهل أهمية المعاملة الطيبة والحسنة، فالدين المعاملة.