"يا حليل الفرنسيين"، فهكذا وبكل بساطة قررت إحدى المدن الفرنسية حظر كلمة "مودموزيل" التي تعرفون معناها طبعا "المرأة غير المتزوجة" وعدم استخدامها رسميا بأي شكل من الأشكال، بحسب ما نشرته الصحف الأربعاء الماضي، والسبب لهذا القرار الذي ينم عن تطور الوعي الاجتماعي تجاه المرأة، هو ما في هذه الكلمة من تمييز ضدها! طبعا السؤال الآن في أذهانكم "كيف تمييز!؟ بالعكس الكلمة فيها احترام ولطف بل واستلطاف للمرأة العزباء؟" خاصة حين نقارن استخدام الفرنسيين لـ "مودموزيل" أي آنسة و "مدام" أي "سيدة" وبين استخداماتنا بين "يا بنت" لغير المتزوجة وبين "يا حُرمة أو يا مرة" للمتزوجة! هكذا يمكننا أن نلمس الفرق! وهو غيض من فيض مما نسمعه من بعض الاستخدامات ـ مع الأسف ـ التي تنم عن تقليل شأن المرأة وازدرائها لكونها تابعا مهما وصل مستوى تعليمها أو كانت مكانتها العملية! تسمعون ذلك جيدا خلال التحدث عنها أو كيفية نداء بعض الرجال ـ والحمد لله ليس الجميع ـ بـ" يا حُرمة.. يا مَرة.. يا ههه.. يا بنت"!
لكن لماذا قرر الفرنسيون في هذه المدينة حظر "مودموزيل"؟ السبب: منع التمييز ضد المرأة، حيث يفرق بين المرأة المتزوجة "مدام" والعزباء "مودموزيل"، بينما هذا التفريق بين الرجل المتزوج والأعزب غير موجود، ولهذا وجدوا في الكلمة ممارسة للتمييز ضدها "يا سلاااااام "! هكذا، فإذا عُرف السبب بطل العجب كما يقولون!
وكنتُ أتساءل: ماذا سيظن الفرنسيون حين يسمعون بعض الرجال لدينا وهم ينادون الزوجة "يا حُرمة.. أو يا ههه.. أو يا مرة "، فيما تُنادى الفتاة غير المتزوجة "يا بنت.."! وتسمعون ذلك كثيرا لو جلستم في غرفة انتظار أحد المستشفيات حين يأتي قريب إحدى المنتظرات وينادي عليها! فهل نحن بحاجة لحملة تحسين الوعي في كيفية نداء المرأة واحترامها حين نتحدث عنها، احترام يعترف باسمها لا بمجرد التعبير عنها بـ "أهل .. أو البيت "! أم إن الفرنسيين وصلوا من الترف والرفاهية في رقي التعامل معها إلى أن وجدوا مجرد كلمة "مودموزيل" ممارسة تمييز ضدها؟! إن كانوا كذلك، ماذا نفعل نحن أمام هذا السيل من ممارس التمييز ضد المرأة السعودية بغلظة وقسوة في مختلف قضاياها، فهي كائن غير معترف به إلا برجل محرم! في الابتعاث الخارج! في العمل كمعلمة وممرضة وطبيبة! وفي تزويجها لكهول، في حصولها على منحة أرض أو قرض عقاري أو حتى نصيبها من الإرث! والقائمة تطول وتطول من الممارسات التي تعزز وجودها الاجتماعي كتابع وأن مهمتها الأولى "التفريخ الاجتماعي" مهما وصلت من المستوى التعليمي والعملي ومهما قدمت للوطن من اختراعات وشرفته بإنجازاتها العملية والعلمية.
أخيرا، دائما ما أقول إن طريقة الكلام أو اللغة المستخدمة تعكس بشكل طبيعي طريقة التفكير ومستوى الوعي الاجتماعي ومدى رقي المجتمع في تعاملاته! متى نصل لذلك؟ الله أعلم.