تلعب الشركات المساهمة دورا كبيرا في اقتصاد الدول, لدرجة أن بعض هذه الشركات، كشركة (آبل ماكنتوش) على سبيل المثال لا الحصر, يتجاوز ناتجها ميزانية مجموعة من الدول المصدرة للنفط. وفي الثمانينات الميلادية، وبحجة أن الحكومات هي العائق (البيروقراطي) أمام انفتاح الأسواق، كانت المطالبة بعدم تدخل الحكومة، من قبل الرئيس الأميركي رونالد ريجان، هي الوسيلة التي استخدمها لتوفير روح المغامرة التي يتطلبها نظام السوق؛ لتحرير الشركات من الرقابة الحكومية، غير أن انهيار شركات مثل (آنرون، وآرثر أندرسون) كان السبب الذي أعاد أهمية نظام مراقبة الحكومة المتشدد لأداء مجالس إدارة الشركات، ومصداقية إداراتها العليا, وخصوصا بعد الفضائح المحاسبية والإفلاس لعدد من الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا.
ورقابة الحكومة على الشركات هي الوسيلة المثلى لحماية المستثمر من كوارث الاختلاس والإفلاس, وشركاتنا الوطنية ليست في مأمن دائماً من هذه الكوارث وهذه الأخطار, وخصوصا أن لنا مشاكل خاصة بنا في هذا المجال، منها كثرة الشركات العائلية التي تخضع لسيطرة العائلة وتأثيرها في مجلس الإدارة، خصوصا عندما تتضارب مصالح الشركة مع مصالح العائلة, كما أننا لدينا مشاكل إدارية خاصة أخرى، وهي طول فترة وكثرة مسؤوليات رئيس مجلس الإدارة, الذي قد يكون مديرا لهيئة حكومية أو مديرا تنفيذيا لشركة وفي نفس الوقت يترأس مجلس إدارة العديد من الشركات، وعضوية (مجلس إدارة) في العديد من الشركات الأخرى, ولا يعنيه اختلاف بيئة عمل هذه الشركات وتباعد مواقعها واختلاف منتجاتها واهتماماتها وزبائنها, ولا يعنيه أيضًا حرمان الاقتصاد الوطني من الطاقات الخلاقة والدماء الشابة، ولا حرمان الشركات من تحقيق الأرباح المادية والإدارية, ما دام كل ذلك يصب في مصلحته الشخصية ويزيد من تضخم سيرته الذاتية.
وتقويم أداء مجالس الإدارة من جهات محايدة عملية إدارية مهمة, كذلك تغيير رؤساء مجالس إدارة الشركات وأعضائها بشكل دوري، ووجود أعضاء حكوميين مستقلين ضمن مجالسها, كل ذلك تفرضه ضرورة مواكبة اتساع قاعدة المستثمرين في المملكة، وارتفاع الوعي الاستثماري لديهم، والذي لم يعد يقبل تحييد الكفاءات الشابة، مقابل تحنيط رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة القديمة. ولحكومة دبي تجربة تستحق التمعن في هذا المجال, فقد غيرت خلال عامين 20 رئيس مجلس إدارة وعشرة أضعافهم من الأعضاء، وجنت العديد من الأرباح والفوائد لهذا التغيير.
تتويت:
وجود جهة محايدة تقوم بتقويم أداء مجالس إدارة الشركات, ووجود أعضاء مجالس مستقلين من الأجهزة الرقابية الحكومية في هذه الشركات؛ سوف يوفر الأمان الاستثماري ويحد من احتكار مجالس الإدارة وعضويتها، وسيرفع من مستوى أداء هذه المجالس وفاعليتها.