في تراجع كبير عن التقارير التي نشرها من قبل، أعلن البيت الأبيض أمس أن زعيم القاعدة أسامة بن لادن لم يكن مسلحا وقت إطلاق النار عليه وقتله في المجمع السكني في باكستان. وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أمس "كان هناك مخاوف من أن يقاوم بن لادن عملية اعتقاله، وبالفعل فقد قاوم".

وأضاف أن البيت الأبيض لم يقرر بعد نشر صور جثة بن لادن، وهي صور "فظيعة بلا شك" خشية إثارة الحساسيات.

كما أعلن كارني أن زوجة بن لادن أصيبت في ساقها لكنها لم تقتل، موضحا أنها كانت في نفس الغرفة معه عندما اقتحم رجال القوات الخاصة المجمع فجر الاثنين، و "تقدمت نحو المهاجم الأميركي وأصيبت في ساقها لكنها لم تمت"، في تراجع عن تقرير سابق قال فيه إنها قتلت أثناء استخدامها درعا بشريا خلال تبادل إطلاق النار.

وأظهر استطلاع أعلنت نتائجه أمس أن مقتل بن لادن عزز شعبية الرئيس الأميركي باراك أوباما وحسن آراء الأميركيين في مهاراته القيادية وجهوده لمكافحة الإرهاب. وقال 39% من الأميركيين إن صورة أوباما كقائد تحسنت، في حين قال 52 % إنها لم تتغير، بينما قال 10% إنها ساءت.




مرت الدقائق خلال تنفيذ عملية قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن "طويلة كأنها أيام" على الرئيس باراك أوباما وفريقه الذي كان يتابع بشكل مباشر العملية من البيت الأبيض. وقال مستشار أوباما لشؤون الإرهاب جون برينان: "تلك اللحظات كانت بلا شك الأشد إثارة للقلق في حياة الناس الذين تجمعوا هنا" يوم الأحد. وروى برينان خلال مؤتمر صحفي أول من أمس سير الهجوم على فيلا اختبأ فيها بن لادن في أبوت أباد شمال إسلام أباد.

وقال برينان المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية التي تطارد بن لادن منذ 15 عاما: "بدت الدقائق طويلة كأنها أيام، وكان الرئيس قلقا جدا على أمن فرقنا" على الأرض. وأضاف برينان: "كان ذلك ما يفكر به أوباما، وكان يسعى لإنجاح المهمة". ولم يوضح المستشار كيف كان أوباما ومستشاروه يتابعون بشكل مباشر العملية التي دامت 40 دقيقة من البيت الأبيض، حيث توجد قاعة الأزمات المزودة بأجهزة اتصالات فائقة التطور. وتابع المستشار: "لكن بالطبع الوضع كان بالغ التوتر، وكان الكثير يحبسون أنفاسهم"، و"أخذ الصمت يخيم مع تقدم" عملية الكوماندوز الأميركية.

وقال: "حين علمنا في النهاية أن أعضاء الكوماندوز نجحوا في الدخول إلى المجمع، وعثروا على شخص حدد على أنه بن لادن، سادت مشاعر ارتياح كبير". وبحسب برينان فإن أوباما قد خاطر بشكل محسوب. وفي حال فشلت العملية فإن أوباما كان سيجد نفسه في وضع سياسي سيء جدا بالتزامن مع إطلاق حملته الانتخابية لعام 2012. وأكد المستشار "لقد أجرى الرئيس تقويما لمتانة المعلومات واتخذ قرارا أعتقد أنه أحد القرارات الأكثر جرأة الذي اتخذه رئيس في الآونة الأخيرة". وروى برينان كيف أن التوتر بلغ أشده حين أصاب عطل إحدى المروحيات أثناء العملية. وقال: "حين تعطلت المروحية فجأة تم المرور إلى خطة بديلة. وفعلوا ذلك بلا مشاكل". وأكد المستشار أن الولايات المتحدة لم تبلغ المسؤولين الباكستانيين "قبل مغادرة كافة رجالنا وطائراتنا المجال الجوي الباكستاني".

وأضاف: "في ذلك الوقت كان الباكستانيون في مرحلة رد الفعل على حادث يعرفون أنه بصدد الحدوث بأبوت أباد" ملمحا إلى أنه كان من المحتمل حدوث مواجهة بين القوات الأميركية والقوات الباكستانية. وتابع: "كنا بالطبع قلقين لاحتمال إقلاع طائرات باكستانية"، حيث إن الباكستانيين "لم يكونوا يعرفون ما إذا كان الأمر يتعلق بكوماندوز من الولايات المتحدة أو جهة أخرى". وقال: "لحسن الحظ لم تحصل مواجهة مع القوات الباكستانية. كانت العملية تهدف إلى تقليص المخاطر" بشأن مثل هذا الاحتمال. وأضاف المستشار: أن أوباما ومعاونيه أدركوا بشكل تدريجي أن الكوماندوز قتل بن لادن ونجح في مغادرة مكان الهجوم مصطحبا جثمانه. وتابع: أنهم شعروا "بثقة متزايدة وإحساس متنام بالنجاح". وحول رد فعل أوباما مع انتهاء المهمة، قال المستشار: إن الرئيس الأميركي قال: "لقد نلنا منه".