كنت ومازلت أكرر أن القطاع الخاص لو قام بدوره الاجتماعي وتحمل مسؤوليته الاجتماعية لاستعطنا أن نغطي جزءاً كبيراً من احتياجات أفراد المجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الظروف الخاصة.

ولقد تبنت مؤتمرات المسؤولية الاجتماعية السابقة دوراً فاعلاً ومهماً في تعريف مفهوم المسؤولية الاجتماعية للقطاع الأهلي والخاص وهي مسؤولية في مقام الواجب، إلا أن غالبية القطاع الخاص يخلطون الأمر بين المسؤولية الاجتماعية والزكاة والصدقات، وهما جانبان مختلفان كلياً ومع ظهور بوادر إيجابية من بعض الشركات السعودية الصناعية والتجارية والخدمية إلا أنها ليست على قدر التطلعات والطموحات.

ومن خلال متابعتي المستمرة لبرامج المسؤولية الاجتماعية توقفت في الأسبوع الماضي أمام خبر الإعلان عن الاتفاقية التي أبرمت بين وزارة الشؤون الاجتماعية الوزارة التي تعمل بكل الطاقات لدعم الفئة الأكثر احتياجا في المجتمع السعودي وبين شركة بوبا العربية للتأمين وهي إحدى الشركات المتخصصة في مجال التأمين الطبي عالمياً ويرأسها ويملك غالبية أسهمها رجل الأعمال الشاب صاحب فكرة مؤتمرات المسؤولية الاجتماعية وصاحب البعد الاجتماعي في العمل رئيس اللجنة الوطنية لشركات التأمين في المملكة الأستاذ لؤي هشام ناظر الذي أعلن الأسبوع الماضي عن التزام شركته بإصدار بوالص تأمين طبي بتغطية شاملة 100% لخمسمئة يتيم مجاناً في المرحلة الأولى، وتصل الاتفاقية بمراحلها إلى التأمين الطبي لثلاثة آلاف يتيم في المملكة سنوياً وبصفة مستمرة.

وكما أعلن عنه أن شركة بوبا ستتحمل تكلفة التأمين على الأيتام المقيمين بالدور الإيوائية التي تشرف عليها الوزارة. خطوة رائدة لشركة متميزة من رجل أعمال شاب له بعد اجتماعي فريد من نوعه.

ونأمل أن تقتدي به بقية شركات التأمين التعاونية في المملكة وإذا كانت شركة بوبا العربية بادرت بالتأمين على الأطفال الأيتام فهل بالإمكان أن تتبنى بقية شركات التأمين بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية التأمين على مشتركي الضمان الاجتماعي وهم الفئة ذات الظروف الاقتصادية الصعبة والفئة الأكثر احتياجا للخدمات الصحية، وهم فئة كبيرة ومنتشرة في جميع أنحاء المملكة.

وإذا كانت التكلفة مرتفعة نظراً لكبر أعدادهم فبالإمكان إيجاد تعاون مشترك بين مجموعة شركات التأمين التعاونية المساهمة لتقديم جزء من الخدمة مجانية أسوة بشركة بوبا وجزء آخر بأسعار خاصة جداً تتحمل وزارة الشؤون الاجتماعية قيمتها لتعميم خدمة التأمين الصحي لمشتركي الضمان الاجتماعي.

واقتداء بهذه المبادرة أطرح اليوم فكرة مماثلة على البنوك السعودية التي تتعامل مع مخصصات التقاعد لموظفي الدولة المتقاعدين والمتقاعدين في القطاع الخاص والتي تستفيد من عوائد إيداعات أموال التأمينات الاجتماعية ومؤسسة التقاعد على أن تقوم بتقديم بطاقة مجانية لتأمين طبي سنوي شاملة للمتقاعدين الذين يحصلون على مخصصاتهم الشهرية من هذه البنوك، وذلك جزء من الخدمات المجانية ذات البعد الاجتماعي لعملائها من المتقاعدين الذين ألزمناهم بفتح حسابات لدى هذه البنوك.

إن تعاون هذه البنوك مع شركات التأمين الطبي التعاوني سوف يُقدم خدمة تأمين صحي بأسعار تنافسية نظراً لكبر عدد المتقاعدين وإن المسؤولية الاجتماعية للبنوك السعودية تفرض عليهم تقديم بعض الخدمات الإنسانية بالمجان أو بأسعار تشجيعية لعملائها القدامى وعلى وجه الخصوص العملاء من موظفي الدولة والقطاع الخاص الذين انتهى بهم المطاف إلى التقاعد. وقد يكون من الأولى أن تتولى مؤسستا التقاعد والتأمينات الاجتماعية بالتعاون مع البنوك المتعامل معها لمخصصات التقاعد والتأمينات وشركات التأمين الطبي لتقديم مشروع التأمين الطبي الشامل للمتقاعدين من الجنسين في القطاع الحكومي والخاص مجاناً أو بسعر رمزي.

إن هذه الفئة من المتقاعدين هي من الفئات المهمة في المجتمع التي قضت شبابها في خدمة وطنها ثم أحيلت للتقاعد نظاماً ومن حقها أن تستمتع بقية حياتها بحياة كريمة يؤمن لها أهم الأساسيات التي تحتاجها في هذا السن وهو التأمين الطبي.

فهل تجد دعوتي اليوم من يتبناها سواء البنوك أو شركات التأمين الطبي أو مؤسستا التأمينات الاجتماعية والتقاعد الحكومية. لا سيما أن فئة المتقاعدين هي فئة تشعر بالإهمال من قبل المسؤولين في مؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وبالمقارنة لما يقدم للمتقاعدين في بعض الدول المتقدمة أو النامية أو الفقيرة سنجد أن المتقاعدين في المملكة لا يحصلون ولا على 10% من تلك الخدمات المقدمة لهم في تلك الدول. وهو أمر يحتاج إلى وقفة تأمل وإلى مراجعة وإلى إعداد خطة وطنية لرعاية المتقاعدين.

وليس كل متقاعد يخرج بثروة مثل البعض الآخر. فالمتقاعدون الشرفاء هم الغالبية. ومطلوب منا جميعاً التعاون لدعمهم ومساندتهم لتأمين الحد الأدنى من حقوقهم.