في تعليق الأخ عليان السفياني على مقال تنويع مصادر الدخل، ذكر أننا بحاجة إلى زيادة الاستثمارات في كل من مكة والمدينة لاستقبال أعداد أكبر من الزوار، بالإضافة إلى تنمية بعض الصناعات.
والسياحة الدينية بحد ذاتها صناعة غير مكتملة الأركان، ويمكن الاستفادة منها بشكل أكبر. فالمملكة حباها الله بالحرمين الشريفين، وخدمة الحرمين ورعايتهما تشريفا للمملكة وواجبا تجاه الإسلام وأمته.
وكما أننا لا ننظر إلى أي مقابل مادي تجاه ما يصرف على توسعة الحرمين وخدمات المشاعر المقدسة، إلا أن الاهتمام بالعائد الاقتصادي المرافق لفريضة الحج وزيارة الأراضي المقدسة يمكن أن يتحول إلى رافد أساسي من روافد الدخل القومي يدخل ضمن الآية الكريمة (ليشهدوا منافع لهم).
ومع تسارع تزايد أعداد المسلمين في أرجاء المعمورة، فإن زيادة الطاقة الاستيعابية للحرمين الشريفين تصبح ضرورة لتمكين مزيد من المسلمين من أداء فرائض دينهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة الطاقة الاستيعابية للحرمين الشريفين هي أهم أركان صناعة السياحة الدينية. وهذه الزيادة يجب أن يرافقها تطوير للبنية التحتية المحيطة بهذه المشاعر التي تهتم بسكنهم وحركتهم ومعاشهم. وبذلك يتم النظر إلى توطين صناعة كل ما يحتاج إليه الحاج من احتياجات على مدى رحلته في الأراضي المقدسة. وبهذا يتم تفعيل مبادرة "صنع في مكة" لصالح هذه السياحة.
ويمكن ألا تتوقف السياحة الدينية على الحرمين الشريفين، بل تمتد لتشمل الآثار والمشاهد الإسلامية والقرآنية كافة. فعندما تتاح للحاج فرصة أداء فريضة الحج، فإنه لا يقتصر على أداء الواجب بل تهفو نفسه إلى زيارة المسجد النبوي. ويمكن أن يمتد ذلك لمشاهد أخرى كبدر و"أحد"، ويصل جنوبا حتى زيارة أخدود نجران المذكور في القرآن، وشمالا ليشمل خيبر ومدائن صالح.
كل ما سبق ذكره من آثار يمكن الاستفادة منه والاهتمام به وتصديره كواجهة للسياحة في أرجاء السعودية. فكل مسلم يرغب في التعرف على تاريخ دينه وتاريخ أرض مهبط الوحي. ومع اكتمال أركان صناعة السياحة الدينية من وجهات ومرافق وخدمات ورعاية وتوثيق تاريخي، فإن ذلك سيدفع نحو تطوير مرافق وآثار أخرى وإن لم تكن ذات طابع ديني. وبذلك يتم تحويل المملكة إلى وجهة سياحية مفضلة لدى شريحة واسعة من الناس.
أحد أهم الفوائد لتنمية صناعة السياحة بشكل عام في السعودية إضافة إلى كونها تنويع في قاعدة الدخل هي أنها من القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على كثافة توظيف عالية، فتكون بذلك معينا على حل مشكلة البطالة.