دهشة البعض من لغة الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه "الماراثوني" الثلاثاء الماضي، غير مبررة! فلغة بشار العدائية الرافضة لوقف العنف، المسفهة للدول العربية والمجتمع الدولي؛ تنطلق من ثقة تتملك "النظام" بأنه سيحصل على مزيد من الوقت، لقمع الاحتجاجات، وإن أبيد نصف الشعب.

ثقة الأسد تلك، تحركها قراءة سريعة للمشهد الدولي المعقد، بدءا من الأميركي المنشغل بانتخابات رئاسية صعبة، مرورا بالموقف الروسي والصيني المعلن عن نيتهما استخدام الفيتو في حال أحيل الملف إلى مجلس الأمن، وصولا إلى كيفية القرار الدولي لاحقا، وما إذا كان مجرد إدانة، أم عقوبات وحظر اقتصادي، أم تطبيق للفصل السابع. عربيا، وبعد خطاب الأسد، تساءل الجميع، لماذا صمتت الجامعة؟ وما موقفها من خطاب يرفض مبادرتها، ويستخف ببروتوكول المراقبين؟ وهل سترفع الجامعة الملف إلى مجلس الأمن بعد أن تتسلم تقرير المراقبين؟ وباستثناء ظهوره على إحدى الفضائيات واستغرابه غير الرسمي من خطاب الأسد؛ ما موقف أمين عام الجامعة من كلمة بشار التي تعد أكبر رد على خطوة العربي المتسرعة، حين أدخل حركة "حماس" في هذا الملف الحساس، وحمل مشعل رسالة للنظام تدعوه إلى وقف العنف؟

المسألة معقدة، لكن ليس مستحيلا أن تغير روسيا والصين موقفهما، عبر جهود دولية مكثفة، ومفاوضات غربية تؤطرها الدرع الصاروخية إن لزم الأمر، أو أن تمارس دول أخرى، بما فيها العربية دورها في الضغط عبر المصالح الاقتصادية. كما أنه ليس مستحيلا أيضا، أن يقدم أوباما على تحرك كبير ضد سورية، رغم المخاطرة التي قد تنعكس على انتخابات ولايته الثانية. مجلس الأمن ينتظر تقرير الجامعة، فهل سنشهد موقفا تاريخيا لها -على غرار ليبيا- ينصف الشعب السوري الغاضب من تعدد الفرص/المهل الممنوحة لنظام يستثمرها في القتل؟