منذ ما يقارب 1500 عام والعرب تردد وجع طرفة بن العبد، عبر بيت من الشعر يصف قسوة ظلم القريب، ويصورألمه بما يفوق ألم ضربة السيف.

قاسى طرفة بن العبد مرارة العنف الأسري، فأتى بيته الشعري، الذي انتظم في معلقته الشهيرة، يصف حاله بعد موت أبيه، وكيف عانى من ظلم وقسوة أعمامه الذين عاش في كنفهم يتيماً بحياة مهملة وطفولة بائسة:

وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً، عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ.

اليوم، يعيد العالم بأسره، في يومه الذي خصصه للعنف الأسري " 1 مايو"، الحديث السنوي عن هذه القضية التي تؤرق المجتمع، وتهز نواته المتمثلة في الأسرة.

كان العنف الأسري في السعودية أمراً مسكوتاً عنه، ثم تحول على استحياء لأمر يؤخذ في خانة النوادرالتي لا تجد التفاعل المستحق معها، رغم أنها قديمة قدم "طرفة"؛ إلا أن تلك الأخبار التي أوردتها الصحف المحلية عن بعض الحوادث، والتي بدأت من الصفحات الداخلية، لتتنامى أكثر حتى وصلت إلى الصفحات الأولى، سجلت مشهداً تجاوز حدود الشاذ، واقترب من المسلسل المتكرر؛ الأمر الذي دفع وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الاعتراف بتزايد حالات العنف الأسري، وهو ذات السبب الذي دعا نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني للتحذير من خطر ازدياد الحالات المعرضة للعنف الأسري مع مرورالوقت، والذي ألمح، حينها، إلى أن العنف موجود رغم كونه لم يشكل ظاهرة، متسائلاً عن مدى إمكانية خروجه للعلن بسبب ارتباط ذلك بالضوابط الاجتماعية والتقاليد؟ "الوطن، عبدالله الفلاح، 19 أبريل 2007م".

حراك الظاهرة..

لم يمض عامان على تصريح نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان، الذي اعتبر العنف الأسري لم يشكل بعد ظاهرة، حتى خرجت للنور دراسة اجتماعية ميدانية كبرى، غطت معظم مناطق المملكة شملت مفرداتها المترددين والمترددات على مراكز الرعاية الصحية الأولية والخبراء والخبيرات وضحايا العنف من الجنسين من مختلف الفئات العمرية بمجموع 2040 مفردة "الوطن، ماجد عبدالعزيز، 28 يوليو 2009 "، إضافة إلى العديد من الدراسات المشابهة الأخرى التي دُعمت من قبل برنامج الأمان الأسري الوطـني.

كان ذلك الحراك، والذي سُبق بقرارات إنشاء إدارات مختصة لمواجهة هذه القضية؛ يوحي بأن العنف الأسري في المملكة تعدى جدلية استحقاق لقب الظاهرة، إلى أمرقائم ويشكل هدفا مهما لدراسات اجتماعية متعددة، وإلى وعود متكررة من جمعية حقوق الإنسان وإدارة الحماية الاجتماعية بنشر إحصائية رسمية خاصة بالعنف الأسري، والتي لم تر النور إلى الآن.

لغة الأرقام..

حمل تقرير جمعية حقوق الإنسان السنوي الأخير "2009" أرقاما صارخة عن حالات تعرضت للعنف الأسـري، رغم أن تـلك الأرقـام اقتصرت على أصحاب القضايا الواردة للجمعية فقط، حيث أوضح التقرير بلوغ القضايا الواردة خلال عام 2004 ما مجموعه 44 حالة، ثم تطور الرقم إلى 284 حالة في عام 2005، و265 حالة عام 2006، ليصل إلى 306 حالات عام 2008 ويسجل 257 حالة في عام 2009.

التقرير الذي حدد مجموع حالات العنف الأسري خلال ستة الأعوام التي سبقته بـ 1541 حالة، استقل بتصنيف خاص لقضايا العنف ضد الطفل، باعتبارها قضية شائكة تمس أكثر حلقات المجتمع ضعفاً، وأورد الرقم 72 خلال عام 2009 كمجموع لعدد قضـايا العنف ضد الطفل التي وردت للجمعية.

كانت معظم أرقام حوادث العنف الأسري لا تجد طريقها إلى تقارير الجهات الرسمية، وذلك لأسباب عديدة ربما أهمها عدم تفعيـل تلك الخطوط الهاتفية التي حددت لاستقبال بلاغات العنف الأسري، مما أبقى كثيرا من تلك الحوادث حبيسة المنازل باستثناء ما يتسرب من نوافذها إلى وسائل الإعلام التي تشكل، في الغالب، مصــدر تلك التقارير، فالحوادث المميته أو ذات الإصابات البليغة، تستدعي الوصول إلى المستشفيات وبالتالي إلى وسـائل الإعلام.

استراتيجية غائبة..

بدأ الأمر يتطور أكثر، وأصبحت المستشفيات تتلقى كل يوم مزيداً من حالات العنف الأســـري والتي تشمل العنف ضد الأطفـال، مما تطلب قيـام برنامج الأمان الأسري بإنشاء 38 مركزاً لحماية الطفل في القطاعـات الصحية المختلفة بمختلف مناطق المملكة، والتي رصــدت 64 حالة إساءة أوإهمال خاصة بالأطفال بمعدل خمس حالات شهرياً خلال 2009 منها خمس حالات وصلت حد الوفاة، قبل أن يصـدر البرنامج سجلاً وطنياً لرصد حالات الإســــاءة والإهمال بحق الأطفال "أكتوبر 2009" والذي سجل 153 حالة. "تقرير البرنامج السنوي 2009 "

تنوعت البرامج الاجتماعية، التي تقــدم مـن قبـل وزارة الشؤون الاجـتماعية ممثلة بالإدارة العامـة للحماية الاجتماعية وكذلك برنامج الأمان الأسـري الوطني وغيرها من الجمعيات المتخصصة في علاج هذه القضية بالتوعية والتثقيف وإيواء وحماية المعنفين إذا تطلب الأمر، إلا أنها كانت تعمل بلا استراتيجية تجاه هذه القضية التي أصبحت ظاهرة.

مديـر عـام إدارة الحـمايـة الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله المحسن أكد أن وزارته تعكـف على إصدار استراتيجـية وطنية للحد من ظاهـرة العنف الأسري، في الوقـت الذي كشف فيه أن الإحصائيات وصلت إلى 1115 بلاغا عن معنفيــن، بلغ الذكور منهـم 104 معنفين، بينمـا بلـغ عدد النســاء 979 معنفة. "الوطن، عبدالعـزيز العطر 13 فبراير 2011 ".


برنامج الأمان الأسري الوطني

أنشئ بناءً على الأمر السامي رقم 11471/م ب الصادر بتاريخ 16 شوال 1426هـ كبرنامج وطني يهدف لحماية الأسرة من العنف.

أهدافه:

يهدف برنامج الأمان الأسري الوطني لزيادة وعي المجتمع عبر شرائحة المتعددة بممارسات العنف الأسري وسبل الوقاية منها والتصدي لها من خلال:

• عقد المؤتمرات والندوات العامة التي يناقش فيها المتخصصون قضايا العنف الأسري وسبل التعامل معها في المملكة.

• تنظيم حملات متعددة البرامج والأنشطة للتوعية بالعنف الأسري وأضراره على الفرد والأسرة و المجتمع.

• تقديم الملتقيات والمحاضرات حول العنف الأسري في المؤسسات التعليمية والاجتماعية والترفيهية.

• المشاركة في نشاطات التوعية التي تقدمها المؤسسات الحكومية والأهلية الهادفة للوقاية والتصدي للعنف الأسري.

• إصدار المطبوعات الإرشادية من نشرات وكتيبات والموجهة لمختلف الأعمار والفئات من أفراد أو مؤسسات.

• الشــراكة مع المؤسسات المحلية والهيئــات والمنظمــات الإقليمية والدولية المعنية بالوقاية والتصدي للعنف الأسري.

 


الإدارة العامة للحماية الاجتماعية

أنشئت الإدارة العامة للحماية الاجتماعية بموجب القرار الوزاري رقم 10771/ش وتاريخ 1 / 3 /1425هـ.

أهدافها:

• العمل على حماية الأطفال دون سن الثامنة عشرة والمرأة أيا كان عمرها وبعض الفئات المستضعفة من التعرض للإيذاء بشتى أنواعه.

• نشر الوعي بين أفراد المجتمع حول ضرورة حماية أفراد الأسرة من الإيذاء والعنف.

• إجراء البحوث والدراسات عن هذه الظاهرة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة

مهامها:

• الإشراف على عمل لجان الحماية الاجتماعية

• إعداد الإحصائيات عن ظاهرة الإيذاء والعنف الأسري.

• المشاركة مع الجهات المختصة في إعداد البرامج الخاصة برعاية وحماية الأسرة في المجتمع.

جهات تلقي بلاغات المعنفين:

• إمارات المناطق.

• المستشفيات الحكومية والأهلية.

• أقسام الشرط.

• المؤسسات التعليمية.

• الجمعيات الخيرية.

• هيئة حقوق الإنسان.

• الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.

الاتصال المباشر على الرقم (1919) أو على هاتف رقم 0096614738002 أو الفاكس رقم 0096614736055 أو على بريد الإلكتروني [email protected].