حتى مطعم الوجبات السريعة الأمريكي الشهير، والوحيد في هذه المدينة، اختار وكيله أن يفتحه في قلب ـ المول ـ التجاري الأكبر حيث القانون اللامكتوب يحظر دخول الشباب إلى السوق، وأنا مع القانون، طالما أن البعض من الشباب، وأشدد هنا على مفردة ـ البعض ـ لا يحترم القواعد الأخلاقية لخصوصيات الآخرين. لكنني لست مع هذا التضييق المخيف على شبابنا للدرجة التي لا يستطيعون معها أن يصلوا إلى قطعة ـ هامبورجر ـ ولهذا تجدهم أرتالا على مدخل ـ المول ـ في انتظار فرصة شاردة أو شيخ خمسيني يتبرع أحيانا بإجابة طلباتهم من المطعم وفق رسم مالي محدد.
كل شيء بات ـ حراما ـ في وجه هؤلاء الشباب. الحديقة العامة محظورة على هذه الفئة. دار السينما لن تكون ـ حلالا ـ لتعرض بالضبط ذات الأفلام التي تعرضها القناة السعودية الرسمية وستبقى في دائرة الحرام على ما يبدو حتى مطلع الألفية الرابعة. مهندس البلدية يعتمد في العام عشرات المخططات وبقدرة فاعل نافذ ـ تتحول حتى المساجد والمواقف والزوائد التنظيمية إلى قطع سكنية فلا تجد هذه الفئة من أبنائنا في كل الأحياء بضعة أمتار، ولو مثلثة ـ يمارسون فيها ولو حتى الكرة الطائرة. لا يوجد في كل اعتمادات نصف المدينة الحديث متر واحد لحديقة أو ساحة رياضية أو ناد اجتماعي. بقي أمام هؤلاء الشباب ما هو متاح من المساحات الحرة: مساحة سيارته في الشوارع العامة وقد ضحكت حتى بانت ضروس العقل ـ من نتائج البحث التي تشير إلى أن الشاب السعودي ما بين 18 ـ 25 من العمر يقطع في المعدل 75 كيلا في اليوم الواحد وهو رقم مضاعف لمرتين فوق المعدل العالمي.
بقي له أيضا أن يذهب للمقاهي وللصالات الرياضية الخاصة وقد حزنت عندما قرأت الأسبوع الماضي أن هذه الأماكن تأتي على رأس مثلث الحظر كأكثر الأماكن الموبوءة بتوزيع المحظورات والمحرمات. كل مجتمع في الدنيا يحترم هذه الفئة ويقدر نشاطها وحيويتها ويكتب لها في صحفه زوايا ـ أين تذهب هذا المساء ـ بحسب ثقافة المجتمع وظروفه إلا نحن. نحن ندفعهم إلى المجهول والضياع. نتضايق منهم ونشتمهم في كل تقاطع وسوق وزاوية.