استعجلت إيران في إعلانها بدء تخصيب اليورانيوم تحت الأرض، وبذلك وضعت حدا للمحاولات التي كانت طلبتها لبعث المفاوضات بينها وبين مجموعة خمسة زائد واحد، مبررة إعلانها بعقوبات أقرها الرئيس باراك أوباما ضد المصرف المركزي الإيراني، وزيادة الضغوط والعقوبات الاقتصادية عليها.
يعني القرار الإيراني من الوجهة العملية؛ أن طهران مستمرة في برنامجها النووي، لا فرق إن كان لأغراض سلمية كما تدعي، أو لأغراض عسكرية كما يتهمها الغرب، وأنها سائرة في طريق التصعيد، ليس فقط فيما تدعيه أن برنامجها النووي موجه ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وإنما ضد دول الجوار التي طالما نادت بجعل منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج العربي منطقتين خاليتين من السلاح النووي.
بالأمس اغتيل أحد الخبراء النوويين بقنبلة ألصقت بسيارته، وهو في وسط الجامعة التي يدرس فيها في طهران، وفي ذلك رسالة فهمتها طهران بسرعة، كالرسائل السابقة التي وجهت إليها عبر اغتيال عدد من خبرائها في المجال النووي.
سيان، إن اتهمت طهران إسرائيل أو الولايات المتحدة بعملية الاغتيال، فكلتاهما تعلنان على الملأ رفضهما للبرنامج النووي الإيراني، وتسعيان إلى تحجيمه، وكثيرا ما هددتا بقصف مفاعلاته، ولكن قبل الجزم بالاتهام حري بالقادة الإيرانيين التأكد من خلو ساحتهم من الاختراق، إذ إن تداعيات الانتخابات الرئاسية الماضية مازالت تحت الرماد، وما زال قادة الإصلاح تحت الإقامة الجبرية أو في الاعتقال، فيما السلطة تحضر لانتخابات تسعى من ورائها إلى مواصلة الإمساك بزمام البلاد الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية.