تسببت مراسلات بين الملحقية الصحية في سفارة خادم الحرمين الشريفين بواشنطن وشركة سعودية في أن يظل أبناء المواطن دريم علي النجراني دون من يكفل لهم مصاريف العلاج والأدوية التي يحتاجونها والبالغ عددها 17 نوعا من الأدوية بشكل يومي.
وبدأت معاناة أطفال دريم عندما شخص الأطباء إصابتهم بمرض يسمى "تضخم القلب" نتج عنه وفاة ابنه "علي" عام 2005 بالمستشفى التخصصي بالرياض، فيما يتلقى الأطفال الأربعة الباقون علاجهم حاليا في مستشفى "مايو كلينيك" بولاية روشيستر الأميركية.
ووفقا للخطابات التي تمت بين الملحقية والشركة التي يعمل فيها دريم ـ تحتفظ "الوطن" بنسخ منها ـ فإنه صدر أمر ملكي بعلاج أطفال دريم على حساب الدولة برقم 13584/ ب بتاريخ 1 /2 /1427، حيث راسلت الملحقية الشركة التي يعمل فيها دريم لإفادتها عن استمرارها في دفع تكاليف العلاج وذلك تفاديا لازدواجية الصرف بين الطرفين، وأقرت الشركة أنها ستعالج أبناء المواطن دريم النجراني على نفقة التأمين الطبي الخاص به، وعليه قام الملحق الصحي السعودي في 1 /2 /2009 بإقفال ملفات الأطفال الأربعة لدى السفارة. إلا أن الشركة التي يعمل فيها دريم، أرسلت خطابا آخر إلى الملحق الصحي يفيد برفع يدها عن تغطية نفقات وتكاليف العلاج لثلاثة من الأطفال وتحملها نفقات وعلاج طفلة واحدة فقط. إلا أن الشركة عادت مرة أخرى، وقررت فصل موظفها دريم من عمله عام 1430 بعد خدمة زادت على 28 عاما، كما تدهورت صحة الأطفال، وأدخلت والدتهم مصحة نفسية بسبب هذه المعاناة.
الملحق الصحي يتحفظ
"الوطن" بدورها قامت بالاتصال على الملحق الصحي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة سليمان منصور الشعيبي، للاستفسار عن معاناة المواطن دريم، إلا أن الشعيبي اعتذر عن الإدلاء بأي تصريح، قائلا: إنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام على الرغم من إقراره بمعرفته التامة بالمواطن وبموضوعه.
فيما قال المواطن دريم لـ"الوطن": كلي ثقة ويقين أن يصل صوتي إلى والدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فسأجد ـ بمشيئة الله ـ الخير عنده، بعد أن تخلى عني الملحق الصحي في سفارة بلدي، وحرمني حق العلاج حتى إنني أصبحت معروفا لدى جميع العاملين في السفارة لكثرة ترددي عليها، بينما لم تتردد جمعيات إنسانية أميركية في تقديم يد العون لي ومساعدتي في دفع جزء كبير من تكاليف علاج أبنائي إلى المستشفى.
ودفع دريم حتى الآن ما يقارب مليون ريال لتغطية تكاليف علاج أبنائه، ولم يتبق لديه شيء يستحق البيع، على حد تعبيره.
بداية المعاناة
قبل نحو 15 عاما، طلب دريم النجراني من شركته معالجة أطفاله خارج المملكة، بعد أن اتضح أنهم يعانون من مرض وراثي يطلق عليه "تضخم في القلب"، وهو مرض غريب ونادر ولا يوجد له علاج في المملكة، حسب ما أكده تقرير صادر من المستشفى التخصصي في الرياض وجهه إلى مقر عمله.
في عام 1427 صدر الأمر الملكي السامي رقم 13584/ب بتاريخ 1 /2 /1427 إلى وزارة الصحة، يقضي بعلاج الأطفال وهم: أماني وأروى وأرماني ومحمد، على حساب وزارة الصحة في الولايات المتحدة، استنادا على عدد من التقارير الطبية التي أكدت عدم وجود علاج للأطفال في المملكة، إلا أن الشركة أكدت لموظفها دريم أنها ستتولى علاج الأطفال وقامت بمخاطبة قنصل السفارة الأميركية بالرياض لمساعدة الأطفال ووالديهما على استخراج التأشيرات اللازمة للسفر وأوضحت في خطابها أنها ستدفع ضمن التأمين الطبي الخاص بموظفيها، تكاليف العلاج والإقامة والإعاشة، وسيتم منح أفراد العائلة تذاكر سفر للذهاب والإياب قبل المغادرة.
وعند وصول العائلة إلى أميركا، قام الملحق الصحي في سفارة خادم الحرمين الشريفين هناك بإرسال خطاب استفسار للشركة يطلب منها التوضيح، لتفادي الازدواجية في دفع التكاليف العلاجية من قبل الطرفين (السفارة والشركة)، مستفسرا عن أنه في حال أن الشركة تكفلت بدفع مصاريف العلاج فإن السفارة ستعتمد ذلك وستكتفي به، حيث إن الأمر السامي رقم 2796/ب وتاريخ 2 /4 /1424 ينص على تخويل المكاتب الصحية السعودية بالخارج الاكتفاء بما يتلقاه المرضى وأمثالهم من علاج عن طريق التأمين الصحي. وفي ردها على الملحق الصحي، قالت الشركة في إفادتها ـ تحتفظ "الوطن" بنسخة منها ـ إنها ستتكفل بالنفقات العلاجية وتوفر علاوة يومية للإعاشة.
وبناء على خطاب الشركة قام الملحق الصحي السعودي، في 1 /2 /2009 بإقفال ملفات الأطفال الأربعة لدى السفارة.
إلا أن المفاجأة ـ كما يقول دريم ـ هي قيام شركته بإرسال خطاب آخر للملحق يفيد بأن الشركة تلتزم فقط بدفع تكاليف العلاج للطفلة "أماني" وأن الشركة لا علاقة لها بعلاج بقية الأطفال؛ نظرا لأن الشركة ملتزمة بحالة الطفلة أماني بعد إصابتها بكسور نتيجة خطأ طبي في مستشفى تابع لها.
يتساءل دريم "كيف تخلت الشركة عن علاج الأطفال الآخرين؟ لماذا لم يلزم الملحق الصحي الشركة بما جاء في خطابها الأول الذي تم بناء عليه إقفال ملفات الأطفال الأربعة؟". لم تتوقف معاناة دريم عند هذا الحد، بل قامت الشركة بفصله من العمل عام 1430 بحجة الغياب بعد خدمة زادت على 28 عاما، وتدهورت بعد ذلك صحة الأطفال ووالدتهم التي أدخلت المصحة النفسية، متأثرة بما أصاب أولادها. وفي محاولة منهم لإنقاذ الموقف قام أشقاء "دريم" في المملكة بالاقتراض من أجل إرسال تكاليف العلاج والإقامة لشقيقهم وأبنائه الذين يحتاجون في اليوم الواحد إلى أكثر من 17 نوعا من الأدوية.
من جانبه، قال المحامي سالم مبارك الفاضل ـ محامي المواطن دريم النجراني ـ لـ"الوطن" أمس: "إن ما قامت به الشركة من إيقافها علاج أبناء دريم وفصله فصلا تعسفيا ليس له ما يبرره"، مشيرا إلى أن المذكور وزوجته وأبناءه أصبحوا ضحية تقصير الملحقية الصحية بسفارة المملكة بأميركا وعدم اهتمام الشركة التي عمل فيها دريم ما يقارب 28 عاما.
"الوطن" تحتفظ بجميع المستندات والوثائق والمخاطبات الرسمية كافة التي تخص هذه القضية.