شهدت عدد من المدن السورية يوما داميا في "جمعة الغضب" أمس، حيث قتل العشرات وأصيب آخرون معظمهم في درعا وحمص. إلى ذلك صعد المجتمع الدولي من ضغوطه على النظام السوري إذ صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس لصالح قرار يطلب إرسال بعثة بصورة عاجلة إلى سورية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، ويدين القرار "في شكل صريح استخدام العنف الدامي ضد المتظاهرين".
وفي سياق متصل أفادت مصادر دبلوماسية في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي ينوي فرض حظر على الأسلحة وإعداد عقوبات أخرى بحق النظام السوري.
في غضون ذلك أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما فرض عقوبات اقتصادية على العديد من المسؤولين والكيانات الإدارية في النظام السوري، بينهم ماهر الشقيق الأصغر للرئيس السوري بشار الأسد.
تظاهر آلاف السوريين أمس ضد النظام في مدن دمشق وحمص وبانياس والمناطق ذات الغالبية الكردية متحدين طلب السلطات الامتناع عن التظاهر. وسقط 48 قتيلا على الأقل وأصيب العشرات بجروح بنيران قوات الأمن السورية على مدخل مدينة درعا، و في مدينة حمص والمناطق المجاورة لها، بحسب ما أفاد ناشط حقوقي. وفي المقابل أعلنت وكالة الأنباء السورية أن أربعة جنود سوريين قتلوا وخطف اثنان آخران عندما "داهمت مجموعة إرهابية مسلحة" موقعهم في درعا. وكان الناشط في درعا عبدالله ابازيد قد أكد أن أربعة جنود "قتلوا بينما كانوا يدافعون عن السكان".
وذكر نشطاء حقوقيون أن حوالي عشرة آلاف سوري شاركوا في مسيرة لدعم مدينة درعا في منطقة الميدان القديمة في دمشق في أكبر مظاهرة في العاصمة السورية منذ بدء الاحتجاجات الشعبية قبل ستة أسابيع. وأضافوا أن المظاهرة التي بدأت من الميدان والمناطق المحيطة به ثم تزايدت فرقتها قوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين حول مستشفى المجتهد قرب ميدان الأمويين الرئيسي. في حمص وبانياس تظاهر آلاف الأشخاص، رغم دعوة السلطات السورية المواطنين إلى الامتناع عن التظاهر بعد دعوات إلى "جمعة غضب" في جميع أنحاء البلاد، محذرة من أنها ستطبق "القوانين المرعية". وكانت السلطات السورية قد لجأت أول من أمس إلى رجال الدين لتهدئة الشارع عبر شاشة التلفزيون الرسمي وحضهم على الالتزام بتعليمات وزارة الداخلية.
وصوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس لصالح قرار يطلب إرسال بعثة بصورة عاجلة إلى سورية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان. والقرار الذي اقترحته الولايات المتحدة تم تبنيه بعد يوم طويل من المفاوضات بين الدول الـ47 الأعضاء في المجلس بغالبية 26 صوتا مقابل اعتراض 9 وإحجام سبعة أعضاء عن التصويت. ويطلب القرار من المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن ترسل "في صورة عاجلة بعثة إلى سورية للتحقيق في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان وتحديد وقائع وظروف هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة". كذلك، يدين القرار "في شكل صريح استخدام العنف الدامي ضد المتظاهرين المسالمين من جانب السلطات السورية".
ودان السفير السوري لدى الأمم المتحدة في جنيف بشار الجعفري أمس دعوة عقد جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان، معتبراً إياها خطوة استعمارية تعود بالشعوب إلى سنوات الاحتلال والتدخل في شؤون الدول النامية. وقال الجعفري في كلمته أمام المجلس إن الدول التي دعت لعقد هذه الجلسة تدعو إلى قلب نظام الحكم في سورية ولا تتعمق في دراسة الإصلاحات التي أدخلها النظام والقوانين التي سنها لرفعة الشعب السوري، معرباً عن دهشته لعقد هذه الجلسة الطارئة التي لا مبرر لها. من جانبها أعربت الدول العربية عن تضامنها الكامل مع النظام السوري وطالبت بتقديم الدعم لمتابعة الإصلاحات ومسيرة التنمية.
وفي سياق متصل قال مصدر دبلوماسي تركي في أنقرة إن مبعوثين أتراكا بحثوا في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد في الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تدعو إليها أنقرة في سورية. وتظاهر نحو ألف شخص بعد صلاة الجمعة أمس في إسطنبول بدعوة من منظمات إسلامية تركية "تنديدا بقمع النظام السوري لحركة الاحتجاج".