حكى لي أحد أصحابي أن سيدة إنجليزية دفعت ثمن مشترياتها في أحد المولات السعودية وبقي لها نصف ريال فدفع المحاسب إليها "علكة" ثمنها نصف ريال فرفضت، فأعاد إليها ريالا كاملا فرفضت، وأصرت على نصف الريال نقدا مما أدى إلى تجمع الناس حولهما.

كان صاحبي مستاء من السيدة ويرى أنها بخيلة وغير متسامحة، وهو مخطئ في ذلك، فواجب السوق توفير الهللات، أما السيدة فتصرفت من مبدأ الحق في إصرارها على حقها، ومن مبدأ الحرية في رفضها للعلك المفروض عليها.

حصل أن صرف مجلس نادي جيزان الأدبي مكافأة لأعضائه تحت الشمس وبناء على وقائع وفهم معين للائحة، إلا أن المجلس السابق يرى أن هذه المكافأة من حقه وطالب بها تحت الشمس أيضا وبناء على وقائع وفهم معين للائحة. ونشرت "الوطن" هذا الخلاف على صفحاتها الأسبوع الماضي.

بعض الأصدقاء يعاتبون المجلسين على إثارة هذا الخلاف علنا، ومنهم عبدالرحمن موكلي الذي تمنى لو أن المجلسين احتكموا لقانون الأخلاق، ولا أعرف ماذا يقصد أبو عوف بقانون الأخلاق. هل يتفقون على قسمة المبلغ مثلا؟ أو يتنازل فريق لفريق؟ هل هذا هو قانون الأخلاق؟.

حيث يكون الحق تكون الأخلاق، ومهما كان حجم الحق صغيرا أو كبيرا فإن فكرة الحق نفسها دائما قيمة عليا.

في نادي جيزان اختلف الرئيس ونائبه علنا على الصحف وعلى طاولة اجتماعهم مع الجمعية العمومية، ولم يؤثر ذلك في عملهما معا، ونشر النادي قبل يومين بيانا على موقعه في الفيسبوك حول المكافأة محل الخلاف، سرد فيه بالتفاصيل كل المسوغات التي اعتمد عليها وأنه منفتح على كل الحلول حقوقيا وإداريا، وهذا البيان خطوة راقية في تعامل الأندية مع الجمهور يؤكد النادي بها أننا في جيزان نمتلك اللغة والقدرة على الاختلاف وحسن الفهم. بعد هذا البيان وبعد وضع المسألة في مجاريها القانونية فإن أي حديث عنها هو لغو وإسراف ظالم.

إنني فخور بالزملاء في مجلس النادي وأثق بهم، وقد نختلف كثيرا لكن دائما بعقل وود.

أما الذين يلومون علنية الخلاف فعليهم أن ينظروا للأعلى، إلى "نصف الريال" حيث الحق والحرية.