تغيب الفتاة وهروبها عن منزلها عقوق، ومؤشر على عدم نجاح أسرتها في التعامل معها والسيطرة عليها، وانحراف يؤثر على دورها البناء في المجتمع.

المختصون والمهتمون بالشؤون الاجتماعية والأسرية حددوا نوع الانحراف الناتج عن هروب الفتيات في المملكة بالانحراف المستور، محملين العامل النفسي بالوقوف خلف أغلب عمليات الهرب، بالإضافة إلى غياب دور الأسرة، كما أن رياح التغيير ألقت بظلالها على القضية، كما لا نغفل أن هناك حالات للهرب بهدف البحث عن حقوق مغتصبة أو مهدرة.

التمرد على العادات

وعن أسباب هروب الفتيات، قال مدير إدارة التعاون الدولي بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور صقر محمد المقيد "الأسباب تأتي في إطار التمرد على القيم والعادات"، بالإضافة إلى الاكتئاب، وأضاف "أصبحنا نعيش في عصر الأمراض النفسية، والاكتئاب سبب من أسباب الهروب والانتحار، وللاكتئاب أسباب ومنها كثرة استخدام أسلوب القسوة والتوبيخ والحرمان من العطف، وكذلك ظاهرة التحجر العاطفي والاغتراب المنزلي أو الأسري، وهما ظاهرتان آخذتان في الاتساع في المجتمع"، مشيرا إلى أن الهرب من أهم الأمراض التي تعوق الفرد عن أداء دوره الاجتماعي، مبينا أن تجسير الفجوة بين جيلين مهمة شبه مستحيلة، نظراً للبون الشاسع بين الآباء والأبناء، فالأبناء عالم وتقاليد وأفكار ورؤى خاصة.

وأضاف "العوامل البيولوجية تلعب دوراً في الانحراف مثل الوراثة، من خلال انتقال خصائص معينة من الأصول إلى الفروع، فضلاً عن التكوين العقلي والعضوي والنفسي للفتاة منذ ولادتها، والعوامل البيئية، كما أن انتشار أماكن اللهو، وانتشار الأفلام المثيرة والمواقع الخليعة والإعلام غير المسؤول، والشذوذ الفكري الذي عادة ما يعقبه انحراف ظاهر على مستوى السلوك"، وتابع "وقد تلجأ الفتيات للحيل الهروبية ومنها التبرير، والنكوص (استجابة لا شعورية تلجأ إليها الفتاة عندما تواجه التهديد أو الإحباط أو الإخفاق وإنكار الواقع)، وأيضاً تلجأ للحيل الإبدالية كالكبت والتعويض والتقمص والإبدال والإعلاء والعدوان".

الثقافة الجنسية

وأشار الدكتور المقيد إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية تعاني بشكل كبير من تغييب الثقافة الجنسية، وقال "تغييب الثقافة الجنسية يقود للإقبال على القنوات الإباحية المشفرة دون وعي ولا ثقافة"، مضيفا "كما أن لضعف النظام التعليمي الذي يقوم على التلقين يلقي بظلاله على القضية، وكذلك الطلاق، وضعف دور الأسرة والأقارب، والبطالة" مشير إلى أن "قضايا الأمن الاجتماعي اتسمت بالتعقيد والعنت والمشقة"، متهماً الانفتاح العالمي والعولمة والتواصل الحضاري بين الشعوب في احتدام هذه الظواهر وإذكاء سعير المظاهر التي تعصف بكيان الأسرة وتهدد تماسكها الاجتماعي، فتقلصت وظائف الأسرة وكثرت ظواهر العقوق.

تأخر سن الزواج

وأكد المقيد أن ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج للفتيات يلقي بظلاله على أمن المجتمع، وقال "إن هروب الفتيات لم ولن يكون ظاهرة في المجتمع السعودي لأنه مجتمع معياري له إرث ضارب الأطناب في عادات وتقاليد"، وأضاف "نعم هناك غياب لبعض الفتيات من المنازل ولفترة محددة، ولكن في العرف الاجتماعي لا ينطوي هذا الغياب تحت مسمى الظاهرة، و حتى في باقي الدول العربية الأخرى لم تصل لحد الظاهرة".

تداخل المسؤولية الاجتماعية

وقال المقيد إن المسؤولية عن الهروب في المجتمع السعودي متداخلة "بين المنزل والمدرسة والمجتمع"، وتابع "يشكل الهروب دربا من دروب الانحراف الذي يعتبر ظاهرة اجتماعية ناجمة عن فشل الأسرة في السيطرة الاجتماعية، والانحراف الموجود في المجتمع السعودي هو ما يطلق عليه بالانحراف المستور، وعلى الرغم من كل المغريات المتوافرة للشباب والشابات فقد حدثت فيه تحولات كبيرة قلبت الأعراف المستقرة قروناً رأساً على عقب"، وأضاف "أن هذه الصراعات في ظل الهجمة الإعلامية الفضائية، جعلت كثيراً من الفتيات والشبان في مرحلة انعدام الوزن، فهل كان المجتمع مستعداً لمواجهة مثل هذا الانفتاح الفضائي؟. وهل كانت المناهج التعليمية مواكبة لهذه التطورات المذهلة؟. بالطبع لا! وجاءت النتائج تمرداً على القيم والعادات والتقاليد". مضيفا أن المدنية الحديثة زفت ألوان الفساد ولا كرامة لما تبثه القنوات الفضائية والشبكات المعلوماتية التي تزلزل ثوابت الغريزة وتفجر براكين الجنس.

كارثة الاستراحات

وبين المقيد أن أولياء الأمور والأزواج أصبحوا يقومون بقضاء جل أوقاتهم في الاستراحات، بحيث يخرج الرجل إليها من بعد صلاة المغرب ولا يعود إلى منزله إلا بعد منتصف الليل، وقال "الاستراحات جرت على المجتمع وابلا من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى ومزقت أواصر المجتمع وروابط الأسرة وساهمت في التحجر العاطفي، حيث يخصص الرجال هذه الاستراحات لصحبة الرفاق غير مكترث بما يدور في منزله".

البحث عن شريك الحياة

إلى ذلك، استعرضت استشارية الأمراض النفسية للأطفال بمستشفى الأمير منصور، الدكتورة فاريهان حلمي قصصا لفتيات من خلال عيادتها حاولن مرارا الهروب من أسرهن بحثا عن شريك للحياة يناسبهن، وبحثا عن الحب والحرية مبتعدات عن الكبت والحصار الذي تعانيه بعضهن في منازلهن، وقالت "إن من أسباب هروب الفتيات وخاصة من هن في سن المراهقة عدم الاهتمام بهن داخل الأسرة؛ حيث يواجهن ضغوطا متعددة إضافة إلى الإحباطات المتكررة، فهؤلاء الفتيات لا يجدن داخل الأسرة أي مجال للتسلية، وهناك آباء يمنعون دخول المجلات والتلفاز والراديو إلى المنزل لأن ذلك في نظرهم قد يكون مدعاة لانحراف الفتيات مما يجعلهن يعشن في جو خانق، حيث يمكثن في المنزل منتظرات للزواج وقد يكون البعض منهن مسخرات لخدمة أفراد الأسرة وخاصة الذكور من الأبناء دون الالتفات لحاجاتهن النفسية"، كما أن بعض الأمهات والآباء يرون أن وجود الفتاة في المنزل لأمرين هما "خدمة أفراد الأسرة وانتظار العريس سواء كان مناسبا أو غير ذلك"، وأضافت "أن كثيرا من الأسر يفتقد لإخراج الفتيات من جو الوحدة ويحرمونهن حتى من الخروج للمتنزهات أو الحدائق أو حتى من وجود أي نواح للتسلية داخل المنزل فكيف بخارجه؟".

زواج القاصرات

من جانبها، قالت الأستاذ المساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز المشرفة على الفرع النسوي بهيئة حقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة الدكتورة فتحية حسين القرشي "غالباً ما تنتشر حالات الهروب بين فتيات تم تزويجهن في سن مبكرة أو من متقدمين في السن يستغلون الفجوة التشريعية لانتهاك حقوق الأطفال واستغلال ضعف أسرهن أمام مغريات المال، كما تنتشر بين فتيات تم التغرير بعواطفهن بسهولة ولم يجدن في أسرهن الإشباع العاطفي الكافي لمواجهة خبرات ووسائل منظمة للإيقاع بهن في مواطن الرذيلة التي تنتهي بهن لأبشع أنواع الندم والخسران".

وأكدت أن تأخر سن زواج الفتاة (العنوسة) لم يكن سبباً في هروب الفتيات من المنازل، لأن تأخر السن يصاحبه نضج فكري وانفعالي يجعل الفتاة قادرة على الموازنة بصورة أكثر عقلانية ورشداً بين المكاسب والتكاليف التي ستواجهها عندما تقرر الابتعاد عن أسرتها.

الإدمان والقسوة

وذكرت الدكتورة القرشي أن هناك حالات هروب قليلة غالباً ما تكون من منازل بها مدمنون أو يمارسون التربية بالعنف، وآخرى تحدث فقط بسبب الخوف من مواجهة أب أو أخ يتعطش لممارسة القوة والجبروت على من تولى أمورهن لممارسة صلاحيات الولاية بالتسلط دون أدنى اهتمام بواجبات الرعاية، كما أن المبالغة في العقوبة واستخدامها كوسيلة انتقام يعتبر من الأخطاء التربوية التي تتسبب في المزيد من التجاوزات وتؤسس للانحراف وقد تنتهي بالهروب.

قوى مؤثرة

وأشارت القرشي إلى أن هناك تأثيرا قويا من الرفاق على البنات في مراحل عمرية معينة، وقد يتمتع بعضهم بمساحة من الحرية والثقة للخروج دون أخذ الإذن من الأسرة إهمالاً من الأهل أو بمعرفتهم، ويتباهون بذلك أمام زميلاتهن من أسر محافظة حتى ترضخ الفتاة لرغبة الاستكشاف التي قد تنتهي برحلة ضياع.

قصص واقعية

وسردت القرشي قصة فتاة انتقلت مع أسرتها من إحدى القرى إلى مدينة جدة، وقالت "عندما التقت بزميلات جديدات أغروها بالخروج من المدرسة لتناول الطعام في أحد المطاعم، وهناك تمت محاصرتهن وتسليمهن لذويهن فاتخذ والدها قراراً تعسفياً؛ بمنعها من مواصلة الدراسة واستمر في توبيخها وضربها في أي وقت مما أوجع مشاعر أخواتها وساعدنها في عملية هروب انتهت بسقوطها وكسر حوضها ومن ثم وفاتها".

وذكرت حالة فتاة أخرى ضبطها ذووها تهاتف أحد الشباب الذي كان من النوع النادر ومن حسن حظها أنه كان شهماً ونبيلاً وتقدم لخطبتها، ورغم عدم معارضة الوالد إلا أن أخاها رفض تزويجها للشاب وأصر على منعها من الزواج به.

الأمان الأسري

وقالت القرشي عندما يفتقد المنزل لحياة أسرية تقوم على قدر كاف من الاتفاق القيمي وعلاقات متوازنة تستند إلى تبادل مرن في الأدوار وتنظيم يكفل استيفاء الحقوق وحفظ المكانات فإن هذه الأسرة تأخذ طريقها إلى التصدع والانحلال ولا تتمتع بالجاذبية الكافية لغرس الاحترام المتبادل والانتماء الأسري بين أفرادها، وقالت "لو وجدت سابقا مثل هذه الأسر المفككة يتم استدراك الخلل من علاقات القرابة فيتحصل الولد أو البنت على مصادر بديلة للإشباع العاطفي من الجدة أو العمة، كما يتذوق جمال انتظام الحياة الأسرية في البيت، فيصعب عليه اتخاذ قرار الهروب وما يتضمنه من إزعاج أو ألم لأحدهم".

وأشارت إلى أنه حتى يدرك الناس قيمة الحياة الأسرية المستقرة وضرورة تعديل علاقات السلطة وأساليب التربية ينبغي نشر الوعي بين البنات بمخاطر الهروب وتنمية تقدير الذات لديهن وحثهن على المشاركة في أهداف وأنشطة الأسرة والإبداع في معالجة بعض المشكلات السلوكية من خلال استشارة المتخصصين لأن الاتجاهات الجمعية تعزز قيم الأسرة والأنانية تنتشر كالعدوى لتهدد الكيان الأسري.

واقع مزيف

كما حملت القرشي وسائل الإعلام مسؤولية وضع صور وعالم مزيف، وقالت "بعض الأفلام والبرامج التي تبثها وسائل الإعلام تضع صورا مزيفة للواقع تصاحبهــا رغبة قوية في الاكتشـاف، وتصور بقدرة على التصرف لكثرة ما يتعرض له الأولاد من خبرات لتجعل مسألة الهـروب وسيلة لاكتشاف الذات ومجرد وسيلة للتخلص من ظــروف منفرة أو مهددة فيخرج الولد أو البنت إلى عالم لا رحمة فيه ويقعون فريسة لعنف أقسى وتهديد أكبر حيث لا سند ولا ملجأ ينقذهم منها ويصعب عليهم العودة لمنازلهم التي هجروها ولم يبذلوا جهداً ولو يسيراً في تحسين علاقاتها وأوضاعها".

العضل سبب للهروب

من جانبها، ترى وكلية كلية العلوم والتكنولوجيا بجدة الدكتورة ليلى قستي أن عضل الفتيات هو أهم سبب للهروب, والعضل يمارس في الأسرة بصور مختلفة, كعدم تزويج الفتيات مما يؤدي إلى عنوستهن, أو عدم السماح للفتاة بالعمل, أو حتى إكمال تعليمها الأساسي أو الجامعي, والإسراع في تزويجها في سن مبكرة, كما وفي المقابل هناك بعض الآباء يستغل ويجبر بناته الموظفات على إعطائه راتبها كاملا, ويرفض أي متقدم للزواج منها بحجج واهية حتى يتمكن من استغلال هذا المورد, وهناك عينة أخرى من الآباء ممن يوكل الوصاية على البنات لإخوتهن الذكور وربما كانوا أصغر سنا منهن للتحكم فيهن والتضييق عليهن في كل أمورهن, فيلجأ الإخوة لأساليب مهينة بحجة الخوف عليهن, وهي في الواقع أقرب منها للعضل والإذلال.

وطالبت الدكتورة ليلى للحد من تفشي هروب الفتيات بالإقرار والاعتراف بها، وأن تتضافر مؤسسات المجتمع (الدينية, التعليمية, الثقافية, الاجتماعية, النفسية, وسائل الإعلام, مكاتب الاستشارات...إلخ), لتفعيل آليات نشر ثقافة (الاستشارات الأسرية), والوعي بأهميتها.

وكذلك إقامة دورات تطوعية تهدف إلى تدريب الفتيات على التعامل مع المشكلات (الأسرية), وأساليب حلها مما يؤدي إلى زيادة ثقتهن بأنفسهن, وبالتالي يستطعن حل المشكلات عوضا عن الهروب منها، وإقامة محاضرات توعوية للأسر (آباء وأمهات), في التربية الأسرية، إقامة وتفعيل مراكز استشارات أسرية من خلال مراكز الأحياء في المدن والقرى المختلفة.

جريمة يعاقب فاعلها

واعتبر المحامي والمستشار القانوني عضو برنامج الأمان الأسري الوطني بالرياض أحمد إبراهيم المحيميد هروب الفتيات جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون، وضرب مثالا على ذلك باعتبار هروب الزوجة من بيت الزوجية مخالفة شرعية تستوجب سقوط حق الزوجة في النفقة والحضانة كما اعتبر هروب الفتاة من ذويها ولجوءها إلى غير ذي محرم جريمة يعاقب عليها الشرع مثلما جرم القانون هروب السجينات والموقوفات وهروب المكفولين والعاملات.

وأبدى المحيميد انزعاجه من عدم وجود قانون للأحوال الشخصية يحفظ للسيدات والأطفال حقوقهن الشرعية والقانونية ويقضي على الأسباب والدوافع التي تزيد من تنامي هروب الفتيات، مؤكدا "أن الهروب لن ينحسر أو يزول إلا مع وجود تنظيم رسمي يوفر الحماية الشرعية والقانونية والاجتماعية للفتيات"، وطالب المحيميد بضرورة تقنين نظام الأحوال الشخصية في الإسلام مع الإلزامية بوجود وزارة أو هيئة ترعى مصالح السيدات ورعايتهن في المملكة.

مشاكل المرأة

وبينت الباحثة والمستشارة التربوية نجاة الشريف أن هناك فرقا بين الهروب النادر في بعض الحالات الحرجة وبين الهروب المتزايد إلى الحد الذي يلفت نظر المجتمع إليه بحيث يصبح مؤشرا خطيرا تنبغي معالجته، مرجعة أسباب هروب الفتيات إلى ضعف المرأة نفسها مع تكاتف ما يوهن هذا الضعف من ضغوط نفسية وأنظمة اجتماعية وقلة وأحيانا انعدام المعين أو الناصح الموجه فتقع الفتاة تحت أعباء لا قبل لها بها ويكون المجال مفتوحا للشيطان وأعوانه لإظهار الهروب على أنه الحل الأمثل.

وترى الشريف أن الفتاة التي تهرب من منزلها "تهرب في حقيقة الأمر من ذاتها حين لم تواجه مشكلتها بالحكمة"، مشيرة إلى أنها ومن خلال استقبالها للكثير من الاستشارات أن مشاكل المرأة تستمر وتتعاظم لسببين هما "الجهل بطريقة الحل، والعجز والضعف عند العمل على الحل".

فتيات هاربات

وتذكر لؤلوة السالم ( 24عاما) أنها تزوجت 3 مرات وطلقت بعد أن هربت من منزل الزوجية لزوجين أحدهما مدمن للمخدرات والآخر كان يعنفها نفسيا وجسديا وبينت أن والداتها مغربية وأنها عاشت مع والدتها بالمغرب إلى أن وصل عمرها 12عاما ولم تدخل المدرسة وإنما كان تعليمها بالمغرب عن طريق محو الأمية، وقالت "أخذني والدي من أمي المغربية وأحضرني إلى المملكة، وبقيت معه حوالي 4 سنوات ثم زوجني بمدمن مخدرات وعمري حوالي 16 عاما، وكان يعنفني نفسيا وجسديا، وأكثر من مرة أهرب إلى الجيران وأمكث لديهم حتى يهدأ لكن الأمر زاد فطلبت الطلاق"، وأضافت "كنت أتوقع أن تنتهي مشكلتي إلا أنها تكررت بعد أن خطبتني زوجة أبي لشخص عن طريق الإنترنت وتم الزواج لكن هذه المرة لم يستمر سوى 4 أيام لكونه لم يرغب في استمرار الزواج لحبه لزوجته الأولى، ونتيجة لهذه التداعيات تنازل عني والدي لأمكث لدى أعمامي الذين قاموا بتزويجي للمرة الثالثة وحملت منه، لكنه لم يرحمني وكان يضربني ولا يكف يده إلا عند خروجي من المنزل، وفي إحدى المرات هربت إلى الشرطة وتقدمت بشكوى إلا أن ذلك لم يمنعه، واستمر بضربي حتى بعد ولادتي فهربت نهائيا وأنا أطلب الآن الطلاق منه".

إلى ذلك، ذكرت مريم (تجاوزت العقد الثالث من عمرها) أنها حاولت الهرب من منزلها مرتين، وقالت "بنات عمومتي من منعوني وثنوني عن قراري" مرجعة سبب تفكيرها في الهرب لمنع والدها من تزويجها، وقالت "والدي منعني من الزواج، بحجة أن المتقدمين طامعون في مرتبها"، وقالت "حاولت الضغط على والدي لكي يزوجني فخرجت إلى منزل عمي، وطلبت منه إقناع والدي بتزويجي وهو ما تم إلا أن والدي كل مرة يبحث عن حجة واهية".

فتاة فضلت أن نرمز لها بـ (س. هـ) أشارت إلى أنها هربت يومين كاملين من المنزل وباتت لدى صديقتها والتي استضافتها ولكنها لم تستطع أن تستضيفها أكثر من ذلك لكون الوضع أصبح مكشوفا أمام أسرة المستضيفة، وقالت "هروبي من المنزل نتيجة لمراقبة أهلي الشديدة لكل تصرف أقوم به"، وأضافت "عندما عدت إلى المنزل تلقيت ضرباً مبرحاً من والدي وأشقائي، رغم ذهابي معهم إلى طبيبة نساء وولادة للكشف على عذريتي، لكن ذلك لم يشفع لي".

وتقول "أم فرج" أعاني من ابنتي التي دائما تهددني بالهروب من المنزل، وقالت "دائما تهددني ابنتي بأنها ستهرب من المنزل إذا استمر ضرب شقيقها الأكبر لها كونها تستمع للأغاني عن طريق المذياع"، وقالت "عبثا، حاولت مع ابني أن يتفهم وضع شقيقته الصغرى حيث لا متنفس لها بعد أن أغلق عنها كل وسائل الاتصال"، مشيرة إلى أنها أصبحت تخاف كثيرا من تهديد ابنتها لها بالهروب والتسبب في فضيحة لشقيقها.