ارتبط يوم الجمعة في ذاكرة العرب، أخيرا، بالمظاهرات السلمية للشعوب، من تونس "كرمة" الربيع العربي الأولى، مرورا بمصر واليمن وليبيا، وصولا إلى سورية التي يعاني شعبها الأعزل من هجمة "تترية"، ينتهجها نظامٌ يريد تحويل هذا المسار الحضاري لمسيرات الجمعة إلى آخر يرتبط فيه هذا اليوم بالدماء والأشلاء، لا السلم وغصن الزيتون والحرية.

إن وقوع عشرات المدنيين أمس الجمعة في تفجير حي الميدان بدمشق، لا يمكن أن يكون إلا من تدبير النظام المتخبط حد الجنون، ليس لأن "القاعدة" - التي اتهمتها أطراف من النظام فورا بالتفجير- بريئة من مثل هكذا أعمال إجرامية، ولكن لأن المنطق يقول إن سورية حاليا ليست بيئة جاذبة لأعمال "القاعدة".

إن مسار الثورة المتصاعد يدفع النظام إلى إرهاب الشعب والمجتمع الدولي بفزاعة "القاعدة"، كما أن استحضار ورقة "الإرهاب" من قبل النظام "الأسدي" يذكرنا تماما بهرطقات القذافي عن "القاعدة"، تلك التي ملأ بها خطاباته إبان الثورة الليبية، و"بشار" مصرّ كما يبدو على الاقتداء بالقذافي، ولم يعمل عقله بعد، وينظر إلى النهاية المأساوية لـ"الزعيم الورقي".

إن كان أتباع النظام السوري مصرين على أن "القاعدة" تقف وراء التفجيرات الأخيرة؛ فلماذا تهاجم "القاعدة" الشعب السوري، إلا إن كانت تخشى زوال النظام الحليف لها؟! ما يعني أن نظام بشار يعترف من حيث لا يعلم أنه نظام داعم وراع للإرهاب!

بعد وقوع ما يقارب ستة آلاف قتيل، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، على مدى عشرة أشهر، حق للشعب السوري المطالبة بالتدويل – مع الشكر للجامعة العربية على عملها الاستثنائي وجهدها غير المسبوق في تاريخها - ومن حقه المطالبة بتطبيق مجلس الأمن للفصل السابع على سورية، والتدخل عسكريا لحماية "البشر" من "مخالب" الأسد.