يتنافس المستثمرون على فرص الاستثمار في المدن الكبيرة ويعتقد الغالبية أن عوائد الاستثمار في المدن الكبيرة هي الأفضل والأكبر، ويهملون الفرص المتاحة في المناطق والمدن الصغيرة رغم أهميتها وأهمية عوائد فرص الاستثمار فيها. وتوجّه بعض الوزارات خططها التنموية للمدن والمناطق الكبيرة وتنسى خططها احتياجات المناطق الصغيرة، رغم حرص خادم الحرمين الشريفين على التنمية الشاملة. ولمناطق المملكة أحقية وأولوية في الخدمات الأساسية والتكميلية. وأبناء الوطن في كل منطقة أو مدينة أو قرية أو هجرة هم مواطنون، لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم تجاه الوطن. وبدون الدخول في التفاصيل إلا أنني حريص اليوم لأن أوجه دعوتي للمستثمرين السعوديين أفرادا وشركات لدراسة الفرص الاستثمارية في المناطق والمدن الصغيرة. وما دفعني لهذه الدعوة هي الزيارة التي قمت بها الأسبوع الماضي لمدينة الطائف برفقة أخي محافظ مدينة الطائف الأستاذ فهد بن عبدالعزيز بن معمر عاشق الطائف، وشاهد على التنمية فيها منذ طفولته، وبعد ولادته في الطائف شارك في مسؤولية التنمية فيها منذ توليه منصب محافظ الطائف، يعمل بكل طاقاته وإمكاناته وحماسه لتحقيق طموحات أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي يقود تنمية غير مسبوقة، ليعيد تاريخ مصيف المملكة الذي كتبه والده المغفور له بإذن الله الملك فيصل، والذي له الفضل بعد الله في جذب اهتمام جميع أبناء المملكة والخليج للطائف كمصيف، فكانت الطائف هي مقر المليك وحكومته في الصيف، وهدف أبناء المملكة الميسورين وذوي الدخل المحدود.

تعرف المصطافون على العروض الفلكلورية في الطائف والتي تمثل تراثها القديم. وعرفوا الأفلام السينمائية العالمية والعربية من خلال دور العرض السينمائية البدائية وغير الرسمية. وكانت الطائف مركز استشفاء متقدما لبعض الأمراض، وكان منارة علم للأمراء أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، حيث كانت المدرسة النموذجية التي درس فيها العديد من الأمراء. ولن ينسى أبناء المملكة في كل منطقة ومدينة فواكه الطائف المشهورة: الرمان والخوخ والعنب والبرشومي والتين والتوت وورد الطائف وعطره. ولن ينسى تاريخ المقاولات في المملكة أكبر مشروع عملاق قام به المعلم محمد بن لادن، رحمه الله، حيث كلفه الملك فيصل، رحمه الله، بإنشاء طريق الهدا عبر جبال الهدا، فكان أعظم مشروع للطرق، ساهم في ربط مدينة الطائف بالباحة والجنوب بمكة المكرمة، وقد ساهم في تخفيض عناء المسافرين بين هذه المدن.

وللحقيقة، من يزر الطائف اليوم ومعه ذكريات الماضي فسوف يصاب بدهشة وانبهار كبيرين رغم ضعف المخصصات لتنمية مدينة الطائف، إلا أن التنمية التي تحققت في الطائف من حيث التخطيط العمراني وتخطيط الطرق الرئيسية والداخلية وتطوير بعض المرافق الخدمية بالإضافة إلى إطلاق حرية ملاك الأراضي للبناء في الهدا والشفا ساهمت في تنشيط الحركة العمرانية والسياحية. وأخيراً المشروع العملاق الذي يقوده الأمير خالد الفيصل ويسانده الأمير سلطان بن سلمان محافظ هيئة السياحة لإنشاء مدينة عكاظ السياحية وإعادة إنشاء سوق عكاظ الثقافي الاقتصادي على أرض مساحتها أكثر من أحد عشر كيلو مترا شمال شرق الطائف. وهو المشروع الأكبر في منطقة مكة المكرمة بعد مدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ. وهو المشروع الذي أجزم ـ بإذن الله ـ أنه سيحول الطائف إلى المدينة السياحية الأولى في المملكة، لأسباب عديدة، أهمها الإمكانات المتاحة للسياحة في هذه المدينة. مشروع ضخم واقتصادي سيعمل على تحريك العجلة الاقتصادية للطائف وأبنائها، وسيعمل على خلق فرص عمل ضخمة لأبناء الطائف والمملكة بصفة عامة. وهذا يدفعني إلى دعوة رجال الأعمال والمقاولات والصناعة والخدمات إلى سرعة الاستعداد وإنشاء التكتلات للحصول على حصة في تنفيذ هذا المشروع، والذي أخشى لو غابوا عنه وأهملوا المشاركة في تنفيذه ستدخل شركات خليجية أو عربية أو آسيوية لتنفيذه وتضيع الفرص عليهم، كما هي دعوة للشركات المطورة عمرانياً لسرعة دراسة هذا المشروع الذي يعتبر فرصة متميزة.

أما عن الفرص الاستثمارية في الطائف فإن مبادرة أخي الشيخ صالح كامل في إنشاء شركة (وج) للاستثمارات تعتبر تأكيداً لأهمية الاستثمارات في الطائف. فهو رجل يعرف أين يستثمر، ولولا جدوى المشاريع الاستثمارية في الطائف لما بادر في إنشاء هذه الشركة التي سبقتها شركة الطائف للاستثمارات السياحية التي يرأسها نجم رجال الأعمال في مجلس الشورى الشيخ عامر اللويحق، والتي قامت ببعض المشاريع المتميزة، منها تلفريك الهدا والمنتجعات السياحية المرافقة له. وأخيراً وفي نهاية جولتي مع أخي فهد بن عبدالعزيز بن معمر محافظ الطائف لا بد لي أن أشير إلى أن الطائف مدينة لها جذب استثماري في جوانب عديدة، من أهمها التنمية الزراعية لفواكه الطائف، والتنمية التعليمية لمزيد من المدارس النظامية المطورة للبنين والبنات. وفي التنمية السياحية فإنني أتمنى من الأمير خالد الفيصل أن يستعجل جهوده في سرعة بناء مطار الطائف الدولي ليكون أحد المنافذ للقدوم والمغادرة لحجاج ومعتمري بيت الله، ولا سيما أن هيئة الطيران في مرحلة جديدة تستهدف بناء وتطوير مطارات المملكة ومنها مطار الطائف الذي تم تخصيص الأراضي الخاصة به، ولم يبق سوى اعتماد المبالغ لإنشاء المطار الجديد.

أما المشروع الجديد القديم فهو الحلم بإنشاء نفق مكة ـ الطائف مباشرة وبجانب نفق تحلية المياه، وطوله أحد عشر كيلومترا، وسيربط مكة المكرمة بالطائف من أسفل جبال الهدا إلى الطائف وفي فترة زمنية مقدارها عشرون دقيقة، وهذا سيسهم في تخفيض معاناة السفر بين الطائف ومكة المكرمة، وعلى وجه الخصوص للمسلمين القادمين من خلال مطار الطائف أو من جنوب الطائف، وقد يقال إن الهدا سيتأثر اقتصادياً، وهي مقولة تحتاج إلى دراسة، لأن الهدا أصبح منتجعا سياحيا يقصده الراغبون زيارته مباشرة وليس وقوفا (كمنطقة ترانزيت) مع استمرار بقاء طريق الهدا. وبالإمكان تنفيذ المشروع من خلال نظام (BOT).

انتهت الزيارة للطائف، متمنياً أن تكون رسالتي قد وصلت لزملائي في القطاع الخاص.