تطور عملية النقل التلفزيوني في أوروبا وبعض دول الخليج أكسب دورياتها حضورا دوليا، على عكس مستوى عرض مباريات دوري زين السعودي الذي يشهد تأخرا ملحوظاً، ويجد المتابع للدوري الأقوى عربياً رداءة الصورة وضعفا في الإعادة ونوعية اللقطات بسبب عدم توافر عدد كاف من الكاميرات ولعدم وجود شركة إنتاج متخصصة تعمل على تقديم ما يرضي المشاهد والمعلن على حد سواء.
فزيادة الدخل وإضفاء المتعة.. عاملان مهمان في العرض، ومطلبان للأندية والجماهير ولن يتحققا إلا بتطوير النقل تقنياً على غرار ما يتم في الدوريات الأوروبية وتقسيم مبارياته إلى مجموعات وبيعها على عدة قنوات لإشعال المنافسة ورفع قيمتها لزيادة دخل الأندية الذي سيمكنها من رفع مستوى الدوري باستقطابها مدربين ولاعبين أفضل.
نقل غير احترافي
وقال رئيس لجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم الدكتور حافظ المدلج "عملية نقل الدوري السعودي لا ترقى إلى مستوى الدوريات الأوروبية من حيث عدد الكاميرات ووضوح الصورة، فما يتم هنا ليس عملاً احترافياً، فالزوايا غير سليمة والكاميرات لا تتمكن من كشف التسلل أو تجاوز الكرة بكامل محيطها لخط المرمى أو عكس فرحة مدرب أو لاعب عند إحراز الأهداف أو الفوز، أو التركيز على اللوحات الإعلانية كحق للمعلن"، وأضاف "في الدوري الإنجليزي يتضح اسم الشركة وشعارها على الكرة في الملعب، بينما نحن ما زلنا نشتري الكرات بسعر السوق فيما لو سلطنا الصورة على الكرة لوجدنا الكرات مجاناً وحصلنا على مقابل مادي مجز، لأنهم في أوروبا يسلطون الكاميرا على الكرة عند(السنتر) أو (نقطة) الجزاء ولا تتوانى الشركة في دفع ملايين الريالات مقابل ذلك ما يزيد دخل أنديتهم".
ويضيف "أن إنتاج الدوري السعودي من خلال شركة متخصصة سيؤدي إلى إحداث نقلة نوعية، وسيفتح آلاف الفرص الوظيفية للشباب ويعمل على تطوير قدراتهم وأداء عملهم باحترافية".
محاربة التغيير
ويتابع رئيس لجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم بقوله "إن من يعارض هذه الفكرة يحارب التغيير للأفضل، وهو كمن يعارض فكرة الاحتراف والعودة إلى الهواية خشية أن ينكشف الوضع السابق للنقل التلفزيوني كما انكشف زمن الهواية"، وأضاف "وأريد أن أوضح أن قنوات (أبو ظبي الرياضية) اشترت حقوق نقل الدوري الإنجليزي من شركة إنتاج وهذه القنوات تقوم فقط بتجهيز استديوهاتها ومراسليها ومذيعيها ومعلقيها لكن الدوري ممنتج جاهز، وهذا ما أطالب به لتطوير الدوري بأن تقوم شركة عالمية ثم يسلم إلى قناة ناقلة"، وأضاف "في المباراة النهائية لكأس أمم آسيا الأخيرة في الدوحة، تواجدت 56 كاميرا يوجهها 112 مصوراً قدمت عملاً فنياً رائعاً، ومن يدعي أن العيب في ملاعبنا أقول إن هذا غير صحيح، ففي ملاعب قطر استخدمت الكاميرا العنكبوتية التي قيل إنها لا تصلح هنا، لكنني وجدت أنها علقت على أربعة أعمدة إضاءة مثلها كالتي تتواجد في ملاعبنا من حيث المواصفات والحمولة".
انخفاض قيمة الدوري
وقال "الدوري الفرنسي لم يكن يتابعه سوى 10% في العالم والآن يتابع في جميع الدول، لأن هذه صناعة شركة, رفعت من مستوى الدوري والأستديوهات والتعليق".
وعن دور الاتحاد السعودي، ذكر المدلج أنه جزء من لجنة مكونة من 6 جهات هي وزارة المالية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة ولإعلام وديوان المراقبة العامة ووزارة الداخلية، والقرار يتعلق بهم جميعاً.
وحذر الدكتور المدلج من التأخر في التعاقد مع قناة رياضية تنقل مباريات دوري زين للمحترفين، وقال "سيؤدي التأخير إلى عدم تطور الكرة في المملكة، وانخفاض قيمة النقل التلفزيوني للدوري مع أن مستثمرين يعرضون اليوم مليارا ونصف المليار ريال لشراء حقوق النقل".
أطروحة ماجستير
ويشير عضو المجلس الاستشاري للنقل التلفزيوني والتسويق في الاتحاد السعودي لكرة القدم محمد الجويعد الذي أعد رسالته للحصول على درجة الماجستير إلى أهمية بنود العقود عند بيع حقوق النقل التلفزيوني لمباريات الدوري السعودي، وقال "لا بد أن تكون هناك عقود منفصلة بنظام المجموعات ولا يتم بيع الدوري بعقد كامل، وأن يباع لقناتين أو ثلاث لرفع العائد لصالح الأندية المحلية"، مضيفا "فمن الخطأ أن يتم التوقيع مع قناة واحدة، فالدوري الإنجليزي على سبيل المثال باع لقطات مبارياته (الهاي لايتس) على قناة (بي بي سي) في عقد منفصل وهناك شركة أخرى حازت على مجموعتين من مبارياته، وهنا يبرز دور التوزيع"، وتابع "فلا بد من تقسيم إيرادات البث التلفزيوني على ثلاثة مستويات،50% تتوزع بالتساوي لجميع الأندية و25% توزع على حسب الترتيب النهائي للأندية في الدوري، و25% توزع على حسب نقل مباريات الأندية تلفزيونياً لكي تحصل على دعم مادي وبالتالي تتمكن من جلب لاعبين على مستوى عال وزيادة التنافس بينها يرفع المستوى الفني للفريق ويمنح قوة للدوري".
وعن مدة العقد، قال الجويعد "من الأفضل أن يكون العقد المقبل من 4 إلى 5 سنوات ولا يربح الناقل إلا مع نهاية السنة الثانية، وبيع حقوق النقل يجب أن يكون مجزأ في عقد وحقوق الإنترنت في عقد لزيادة إيرادات الأندية والناقلين لإشعال التنافس بينهم"، وينبغي أن يكون بيع حقوق البث التلفزيوني على جزءين، الأول لناقلين داخل المملكة والآخر من الخارج" مشيرا إلى وجوب وضع كامل التصرف في حقوق النقل تحت مظلة هيئة دوري المحترفين، لأنها المسؤولة عنه. وعن المسابقات الأخرى، قال "يتولى الاتحاد السعودي تسويقها وبيعها مجموعة واحدة، وعليه وضع آلية لكيفية طرح المزايدة وأساس السعر على أن تتعامل القنوات الناقلة بشفافية ليتم التقييم بناء على ذلك. وأيضاً لا بد من السماح للقنوات غير السعودية بالمنافسة على شراء الدوري بشروط لضمان عدم العبث أو الإساءة للرياضة السعودية. وأرى وضع فقرة في العقد توضح أن للأندية الحق في إعادة نقل مبارياتها بعد 24 ساعة مجاناً وفقرة أخرى تفيد بأن الناقل المالك للحقوق لا يحق له إعادة بيع الحقوق لناقل آخر أو في حالة إفلاسه أو بيع القنوات الخاصة به لناقل آخر وفي حالة إخلاله بالشرط تسحب الحقوق منه وتتم إعادة البيع من جديد من قبل الهيئة أو الاتحاد السعودي".
اجتهادات شخصية
من جانبه، يؤكد المنتج التلفزيوني رامي القاضي هبوط مستوى نقل مباريات الدوري، وقال "هبط مستوى النقل بعد أن كان متصاعداً في الثلاث السنوات الأولى بسبب إنتاجه بأقل تكلفة ممكنة كون المدة المتبقية منه هي عام واحد فقط، بعد أن بيعت حقوق النقل التلفزيوني، ولكن في حال أن العقد امتد لعدة أعوام فمن الطبيعي أن تستقطب أية شركة متقدمة لنقل الدوري أعلى التقنيات وأحدثها من كاميرات وأجهزة الإعادة البطيئة وغيرها خصوصاً أن مجال التقدم في التقنية لا يقف عند حد معين".
ويشير قاضي إلى أهمية بيع نسبة من مباريات الدوري إلى عدة قنوات خارجية، وكذلك بيع ملخصاتها واللقطات، وتصريحاتها إلى قنوات أخرى، ما يساعد في تسويق الدوري بشكل أفضل وزيادة التنافس بين القنوات في التغطية الإعلامية ويزيد مصادر دخل الأندية.
ويبين أن عمله السابق كمنتج في قنوات "art الرياضية" كان عبارة عن اجتهادات شخصية مع عدد من الشباب السعودي، لهذا أحدثت نقلة نوعية في نقل الدوري في المملكة، لكنها توقفت عند حد معين. وقال "في المرحلة المقبلة يجب أن يكون النقل وفق معايير ومقاييس، وبالتالي لابد أن تكون الشركة الناقلة للدوري تحت مظلة هيئة دوري المحترفين".