لم تعد واضحة طبيعة الموقف النهائي لطرفي الأزمة في اليمن حيال المبادرة الخليجية الرامية لإنهاء الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد. فقد ظلت مواقف الرئيس علي عبدالله صالح من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، تتجدد يوميا وتتساوق وفقا لطبيعة ما يجري على الأرض. وبدت مواقف السلطة والمعارضة حتى يوم أمس ضبابية تعكس غموض المشهد اليمني ككل. ففي الوقت الذي جدد فيه الرئيس صالح أمام قيادات عسكرية في صنعاء أمس "تمسكه بالخروج من السلطة عن طريق صناديق الاقتراع"، أكد المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي الحاكم طارق الشامي أن الحزب أبلغ مجلس التعاون الخليجي بأنه يقبل بخطة انتقال السلطة في اليمن بكاملها.

وفي الجانب الآخر لم يكن الموقف بأقل غموضا، فقد أعلنت المعارضة موافقتها على المبادرة الخليجية، ولكن باستثناء النقطة التي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركتها. من جانب آخر ذكرت مصادر إعلامية يمنية أن دبلوماسياً سعودياً يعمل في السفارة السعودية بصنعاء اختطف أمس من قبل مسلحين قبليين أثناء توجهه لمقر عمله. وأكد رئيس الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية أسامة نقلي حادثة الاختطاف في حديث إلى"الوطن" أمس بقوله "للأسف الشديد تم اختطاف الدبلوماسي السعودي في اليمن سعيد المالكي وكافة الجهود والاتصالات جارية على كل المستويات لتأمين إطلاق سراحه".




جدد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح تمسكه بالخروج من السلطة عن طريق صناديق الاقتراع، على الرغم من موافقة حزبه وحلفائه عل المبادرة الخليجية لمعالجة الأزمة في اليمن. وقال في كلمة أمس أمام قيادات وضباط وطلبة الكليات العسكرية والأمنية لاستعراض الأزمة اليمنية: "هذه بلدنا لا يجوز لأحد أن يتحدث عن رحيل. نعم نرحل عن السلطة، لكن عبر صندوق الاقتراع وليس عبر الانقلاب، ومن يريد السلطة عليه أن يمتلك شجاعة أدبية ويطالب بانتخابات مبكرة سواء رئاسية أم نيابية، وهذا ما يكفله دستور اليمن، وليس عبر ديموقراطية الفوضى الخلاقة ولا عبر ثقافة الحقد والكراهية".

وأضاف صالح "أحزاب اللقاء المشترك يريدون القفز على الواقع وتجاوز الديموقراطية والتعددية السياسية وانتهاك الدستور والقانون، رافضين صناديق الاقتراع وخيارات الشعب، وخياراتهم هي الخيارات التخريبية والانقلابية والخروج عن النظام والقانون". ورغم الملايين الذين يخرجون في العاصمة صنعاء وبقية محافظات اليمن، إلا أن صالح ما زال يعتبر أن معارضيه "يتآكلون شيئا فشيئا". وهاجم صالح أركان حكمه الذين تخلوا عنه في محنته الأخيرة وانضموا إلى ساحات التغيير، واصفا إياهم بـ"الفاسدين والمحتالين".

وذكر صالح أن المعارضة تريد جر المنطقة إلى حرب أهلية، لكن الحكومة ترفض الانجرار إليها، مضيفا أن الأمن والأمان والاستقرار من مصلحة اليمن والمنطقة. واعترف صالح بأن الطلاب اليمنيين يسيرون على خطى تونس ومصر. وقال: إن هناك اختلافا كبيرا في اليمن، معلنا في الوقت نفسه أن حكومته ستفي بمطالب الطلاب في إطار الدستور والقانون.

وقال شاهد: إن ما يصل إلى 90% من المحال والأسواق والمدارس أغلقت في مدينة عدن جنوب اليمن. ولم يكن هناك سوى بعض المارة في الشوارع التي خلت تقريبا من حركة السير. كما أغلقت العديد من الأعمال اليوم في مدينتي تعز ثالث كبرى المدن اليمنية، والحديدة على البحر الأحمر.

وفي وقت تمسك فيه الرئيس صالح بصناديق الاقتراع كحل وحيد للأزمة، وهو ما يعني رفضا للمبادرة الخليجية التي تطالبه بتسليم السلطة خلال شهر، أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفاؤه موافقتهم على المبادرة. وذكرت مصادر سياسية في الحزب في بيان رسمي أن "قيادات المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني سلموا أمين عام مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني خلال زيارته اليمن موافقة المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني على المبادرة".

من جهتها وافقت المعارضة اليمنية أمس على اقتراح المبادرة الخليجية باستثناء النقطة التي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركتها. وقال المتحدث باسم المعارضة محمد قحطان: إن المبادرة إيجابية ونقبلها باستثناء تشكيل حكومة وحدة وطنية لأننا نرفض العمل تحت سلطة علي عبدالله صالح وتأدية اليمين أمامه". ودعا المتحدث الرئيس اليمني إلى التنحي عن السلطة في "مهلة ثلاثين يوما" كما ينص اقتراح التسوية.