تصريحات أحد الكتاب عن أحداث ملتقى المثقفين الأخير في فندق ماريوت بقلب العاصمة الرياض، احتلت موقع الصدارة في النقاش الدائر على الشبكات الاجتماعية. حيث أوحى الكاتب للقارئ من خلال كلماته، أنه شاهد ما يندى له جبين الحياء، من أمور وقعت بين المثقفين والمثقفات. وطبعا عبارة تحوي كلمات مثل "بهو الفندق" و"مشروع ثقافي تنويري "امرأة" و" عار وخزي" هي عبارات مشحونة تماما وهي كفيلة باستثارة رجل الشارع العادي، المبرمج على نقطة ضعف وحيدة، هي كل ما يمس المرأة. وبناءً على تصريحاته ثار الكثير من الكتاب والكاتبات، وهدده البعض بأن ما قاله سيتحول لقضية قذف، وسيحاسب عليها، بينما قام البعض بدعمه بعبارات تشجيعية ليفصح عن المنكر فتأخذ العدالة مجراها.

وللحق أنا لم توجه لي دعوة، و بالتالي لم أحضر ولم أشاهد أي شيء بنفسي، لكن حتى مع خيالي الخصب، وقدرتي على صناعة المشهد بصفتي كاتبة، إلا أن عقلي المسكين لم يستطع تصور ماهية المنكر الذي يمكن أن يحدث.

فما الذي يمكن أن تكون قد رأته عين الكاتب من المنكرات، التي لم يرها مثلا موظفو الفندق، الذين لن يرضوا بهكذا أوضاع خشية على لقمة عيشهم، أو لم يرها عشرات الحضور، الذين نتوسم فيهم الخير، كما توسم الكاتب في نفسه الخير. فلا يقبلون أن يروا من المنكر ما يجلب العار، دون أن يتدخلوا ليوقفوه بأيديهم؟

ولأني أعرف ما الذي يحتمله المشهد الاجتماعي في الأماكن العامة، فلم أستطع حقيقة تصديق ما جاء به الكاتب، لكن ما حيرني بالفعل هو ما الذي حدث واستفز الكاتب على هذا النحو، وجعله يكتب مثل هذه العبارات.

اللافت في هذا الموضوع ليس هذه العبارات التي اعتدنا أن ُتلقى جُزافا، لتستثير حمية الرجل البسيط الذي لا يستخدم من وجوده في الحياه سوى قوة ذراعه، لكن ما يهمني حقيقة هو مفاهيم مثل "الخزي والعار" التي لا تطلق على شيء سوى ما يحوم حول النساء والتي ما إن ينطلق بها اللسان، حتى ينفجر مفهوم العِرض من جحره كالصاروخ، ثم بعدها "تولع الدنيا نار".

ومفاهيم كالعِرض والخزي والعار وكل ملحقاتها، هي جزء من الفزاعات التي يستخدمها المجتمع للسيطرة على الجانحين منه، كما حدث في قضية الفتاة التي سحلها العسكر في مصر، وجردوها من ثيابها بكل وحشية، حيث اختزلت قضيتها من مناضلة جسورة، ومطالبة بحقوقها، إلى قضية عرض وستر، وانقسم المجتمع إلى من يتهمها بالتعري، ومن يذكر بحرمة عرضها كمسلمة.

إن التخلص من هذه الفزاعة؛ التي قد تقتل رجالا من شدة مفعولها، يبدأ بتحليلها إلى مكوناتها الصغيرة، ومن ثم إبطال مفعولها.

هناك حدود لا تثبتها سوى شهادة الشهود، وعقوبات لا يطبقها إلا رجال القانون، ومن وقع في الخطيئة وثبتت عليه، ونال العقوبة خرج كيوم ولدته أمه وانتهينا.