شخص أربعة مختصين واقع المسرح السعودي مقدمين إضاءات أولية للوعي بمحاولات تغييب المسرح، متهمين وزارة التربية والتعليم بأنها ساهمت في هذا التغييب وحالت دون النمو، ملقين بجانب من التقصير على وزارة الثقافة والإعلام. جاء ذلك في حلقة النقاش التي نظمها نادي جازان الأدبي مساء أول من أمس بمقر النادي وشارك فيها كل من الناقد علي ناجع والكاتب المسرحي فهد بن ردة الحارثي والناقد نايف البقمي، والمسرحي عبدالعزيز عسيري.
وطغى مفهوم التجريب على النقاش، وقال البقمي إن ما يميز التجريب في المسرح أنه مفتوح ويسمح بكسر الممنوع في المدارس المسرحية بغية الخروج برؤية جمالية في العرض والتأليف والتمثيل، وأشار نايف إلى أن الفهم الخاطئ للتجريب جعله يتحول من إبداع وابتكار إلى تخريب للعرض المسرحي لأن التجريب هو تناول لعناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي وهي التوازن بين المخرج والكاتب والممثل والجمهور بطرق مختلفة عن المألوف والمتعارف عليه. وأضاف البقمي أن الفرق المسرحية تتجه للتجريب دون وعي وإدراك وهو أمر بالغ الخطورة وهناك ضعف في الرؤى المستقبلية لفرق المسرح الحالية لافتا إلى أن القائمين على المسرح في المدارس هم الذين كبلوا المسرح لأنهم غير متخصصين ويقدمون مسرحا هزيلا.
بينما قال ناجع: نحن نجرب المجرب في المسرح ونطبق أشياء، غيرنا تجاوزوها بكثير، فالمسرح لدينا يسير بعكازين بعد أن بترت قدماه فهو لا يحظى باهتمام والبناء المسرحي تم بجهود ذاتية، فالمسرح لم يترك في حاله ليقوم بأعماله ولم يدعم ليستمر ويتطور, فالمسرح خرج من عباءة المدرسة. وتساءل ناجع: كيف ننشئ جيلا مسرحيا ووزارة التربية والتعليم ضد المسرح، قيدته بقيود من حديد, فالتعاميم التي تصل للمدارس بخصوص المسرح بها محاذير تحد من الإبداع فلو أراد الطالب الممثل أن يقول "قاق" فلا بد من أن ترسل هذه الكلمة لإدارة التربية والتعليم بالمنطقة للموافقة عليها وأنها لا تهدف لأبعاد أخرى.
وأشار ناجع إلى أن المسرح المدرسي الذي هو النبع والمورد للمسرح العام مازال أسير أفكار مدرسية قديمة، فكيف نكون ونطور مسرحا سعوديا مميزا ومدارسنا خاوية من التربية المسرحية التي هي مادة هامة في النشاط اللامنهجي للطالب.
من محاضن للمواهب
إلى مستودعات
وأيد الحارثي رأي ناجع قائلا: إن مشكلتنا الكبرى في المسرح هي إلغاء وزارة التربية والتعليم له في مدارسها فبعد أن كانت المسارح المدرسية حاضنة للمواهب أصبحت مغلقة وتحولت إلى مستودعات، فقد كانت تعقد دورات للمعلمين في مجال المسرح وكانت هناك حركة مسرحية دؤوبة في مدارسنا.
وأشار الحارثي إلى أن هناك علاقة قوية بين المثقف والمسرح وأن على الأندية الأدبية دورا كبيرا في نمو وتطوير المسرح من فتح جزء بسيط من النوافذ للمسرح لأن المسرح هو الحياة هو الفن التشكيلي والموسيقى والرواية والشعر فله علاقة وطيدة بجميع الفنون وهو الوحيد الذي يتعامل مع جميع الفنون والسياسة والحياة اليومية للإنسان وعلم الاجتماع, وأشار أيضا إلى أن المسرح السعودي يعاني من إشكالية هوية والجميع يتعامل معه برمادية وكل الجهود التي بذلت من أجله كانت جهودا ذاتية وأن هناك إمكانيات غير متوفرة للرقي بالمسرح وخدمته وتذليل الصعاب التي تواجهه.
وتابع الحارثي: هناك أندية أدبية طبعت نصوصا مسرحية وأخرى استضافت عروضا مسرحية، مما يؤكد ويعزز العلاقة بين المثقف والمسرح لافتا إلى أن المسرح السعودي في ظل الظروف التي يمر بها غير قادر على التعامل مع من حوله.
ووصف الحارثي المسرح السعودي بأنه المناضل الأعظم بين المسارح العربية مضيفا: من العيب أن نبني المستشفيات والجامعات والصروح الاقتصادية والتنموية ولا نبني مركزا ثقافيا واحدا فيأتي وزير ثقافة وإعلام ويذهب ويأتي غيره وهذا المقترح مكانك سر.
ورأى عبدالعزيز عسيري أن المسرح له خاصية هامة جدا في حياة المجتمعات ومن السهولة تحليل الرؤية لأي نص أدبي لأنه في قالب واحد بينما المسرح يختلف فهناك نص وممثلون وحركة وصمت وموسيقى وصوت وإضاءة، وأبان عسيري أن المسرح السعودي استطاع أن يستوعب النظريات والمدارس المسرحية بكل سهولة مشيدا بالتجربة المسرحية بمحافظة الطائف والتي بدأت في عام 1385هـ .
وكانت حلقة النقاش قد سبقها عرض مسرحي بعنوان (كنا صديقين) كتبه فهد الحارثي وشارك فيه الممثلان مساعد حسن الزهراني وسامي صالح الزهراني.