تأكيدا للجدية، وتنفيذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين القاضية بإحالة المتهمين في تداعيات فاجعة جدة إلى التحقيق، أعلنت وزارة الداخلية أمس عن إحالة محاضر استدلال تشمل 302 شخص، و30 شخصية اعتبارية، تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية، متهمين في كارثة سيول جدة الأولى، إلى الجهات المختصة، لمباشرة إجراءات التحقيق معهم، وتحديد المسؤولية الجنائية والإدارية.
وكشف مصدر مسؤول في الوزارة، عن أن الجهات الأمنية المختصة باشرت إجراءات الاستدلال في المسؤولية عن الأضرار التي نتجت عن السيول التي تعرضت لها محافظة جدة عام 1430، وذلك في ضوء نتائج تقرير اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق.
وأكد المسؤول أن إجراءات التحقيق المقبلة، التي ستضطلع بها جهات التحقيق، سيتم على ضوئها رفع الدعوى أمام الجهات القضائية المختصة، بطلب الحكم لقاء ما أسند إليهم من تهم، وتقرير العقوبة بحق من تثبت إدانتهم، وسيتم الإعلان عن المستجدات في حينه.
من جانبه، أوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد المالكي، أن إجراءات الاستدلال وفق نظام الإجراءات الجزائية لا تمس حريات المتهمين، إلا أنها مهمة وضرورية للتحقيق في التهم، كون غايتها الرئيسية هي تجميع المعلومات عن الجرائم، ومرتكبيها، وجمع الأدلة التي تكشف عن هذه الجرائم.
وأضاف أن سلطة الاستدلال تختلف عن سلطة التحقيق الموكولة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، فالاستدلال مرحلة سابقة عن مرحلة التحقيق، ومن أبرز إجراءات الاستدلال جمع المعلومات الأولية عن الجرائم، وسماع أقوال من لهم علاقة بالجريمة ورفع الأدلة من مسرح الجريمة، والتصوير الجنائي وجمع المستندات والأوراق التي قد يكون لها علاقة بالجريمة، والبحث عن أماكن المتهمين وربطهم بالكفالة الحضورية.
وبحسب مصادر "الوطن" فإن الأشخاص الذين أشار إليهم البيان يخضعون فعلياً للتحقيق، ويتوزعون بين هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق، كما تتوزع قضاياهم بين ديوان المظالم والمحاكم العدلية، وذلك بحسب مرجعية كل متهم وتكييف قضيته.
من جهته رد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي على سؤال "الوطن" أمس حول علاقة المتهمين بمن تم الإعلان مسبقا عن التحقيق معهم من قبل لجنة تقصي الحقائق قبل أشهر، بالقول إن الشؤون الإجرائية المتعلقة بمن تم تصديق اعترافاتهم أمام لجنة التحقيق متعلقة بلجنة تقصي الحقائق بإمارة منطقة مكة المكرمة، وليست من اختصاص وزارة الداخلية.
تحقق هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق مع 302 شخص إضافة إلى ممثلي ومسؤولي 30 شركة ومؤسسة ومكتب استشاري لتحديد مسؤولياتهم الجنائية تمهيدا للادعاء على المتهمين منهم أمام الجهات القضائية لتقرير العقوبة بشأنهم بحسب بيان صادر من وزارة الداخلية أمس، وذلك تنفيذا لتوجيهات خادم الحرمين القاضية بإحالة المتهمين في تداعيات فاجعة جدة إلى هيئتي التحقيق والادعاء والرقابة والتحقيق، كل في ما يخصه بعد استكمال إجراءات الضبط الجنائي. وتضمن البيان التأكيد على الإعلان عن أي مستجدات في هذا الشأن في حينه.
وبحسب مصادر "الوطن" فإن المرتكز الأساس لهذه الإجراءات هو نتائج تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شخصت المشكلة وتتبعت جذورها التاريخية، وتحولاتها الإدارية وصولاً إلى تحديد المتسسب الرئيس في بدء نشوء المشكلة سواء في مجال عدم وجود تصريف للسيول أو مخططات البناء في الأودية وغيرها من المحاور المتصلة بفاجعة السيول وتداعياتها. واستنادا إلى هذه النتائج استكملت إجراءات الضبط الجنائي حيث يخضع الأشخاص الذين أشار إليهم البيان إلى التحقيق فعليا بعضهم تحقق معه هيئة الادعاء والتحقيق وبعضهم الآخر يخضع لتحقيق هيئة الرقابة وذلك تبعاً لمرجعية كل شخصية ذاتية أو اعتبارية، وهو تصنيف ينطبق على الجهات القضائية؛ إذ تتفرق القضايا بين ديوان المظالم والمحاكم العدلية بحسب مرجعية المتهم.
وفي الوقت الذي تُعرِّف فيه الفقرة 6 من الباب الأول من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية، الاستدلال، بأنه يعني السعي لإظهار الحقيقة عن طريق جمع عناصر الإثبات الخاصة بالجريمة، والتحري عنها، أكد مسؤول بهيئة التحقيق والادعاء العام لـ "الوطن" أمس، أن محاضر الاستدلال في العرف الإجرائي والجزائي، تقوم باستكمالها جهات الضبط كالشرطة والمباحث الإدارية.
وكشف عن أن إحالة هذه المحاضر إلى الجهات المختصة، يعني إحالتها لهيئتي التحقيق والادعاء العام، والرقابة والتحقيق، لاستجواب المتهمين في ما تضمنته محاضر الاستدلال، ومواجهتهم بالأدلة الدامغة التي تم إيرادها ضمن المحاضر، تمهيدا لإحالتها للقضاء.
وعن المدة الزمنية لإجراءات التحقيق، أكد أن ذلك يعتمد على قوة الأدلة التي تم تدوينها وإرفاقها بمحاضر الاستدلال، وأن التحقيقات ربما تورد تهما جديدة لم يتم تدوينها في المحاضر، وذلك وفق أسلوب التحقيق وحيثياته.
وأوضح أن نظام الإجراءات الجزائية ينص على استعانة المتهمين بمحامين وقانونيين طيلة فترة التحقيق، ويخولهم بحضور جلسات التحقيق، وأن هذه المرحلة تمثل آخر مرحلة تحقيق قبل إقامة الدعاوى قضائيا ضد المتهمين من قبل المدعي العام بهيئة التحقيق والادعاء العام.
تحقيقات كارثة سيول جدة
• أصدر خادم الحرمين الشريفين في 13 ذي الحجة 1430، أمرا يقضي بتشكيل لجنة لتقصي حقائق سيول جدة، متضمنا تكوين لجنة برئاسة أمير منطقة مكة المكرمة، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، مدير عام الدفاع المدني، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، مدير عام المباحث الإدارية، مدير مباحث منطقة مكة المكرمة، مندوب من رئاسة الاستخبارات العامة، وكيل وزارة العدل ونائب رئيس ديوان المراقبة العامة المساعد.
• شدد الأمر الملكي على أن تقوم اللجنة - حالاً - بمباشرة المهمات والمسؤوليات الآتية بتفرغ كامل، والتحقيق وتقصي الحقائق في أسباب الفاجعة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص ذي علاقة بها، وحصر شهداء الغرق والمصابين والخسائر في الممتلكات، واستدعاء أي شخص أو مسؤول كائناً من كان بطلب إفادته، أو مساءلته، والاستعانة بمن تراه من ذوي الاختصاص والخبرة.
• أمر خادم الحرمين الشريفين اللجنة بالرفع بما يتم التوصل إليه من تحقيقات ونتائج وتوصيات بشكل عاجل جداً، وعليها الجد والمثابرة في عملها بما تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل.
• بعد 95 يوما من البحث والتحقيق والتحريات والاجتماعات المتواصلة، تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق في أسباب فاجعة سيول جدة.
• في غرة ربيع الآخر العام الماضي، أصدر خادم الحرمين الشريفين أمرا، بتشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وعضوية كل من وزير الشؤون البلدية والقروية، وزير العدل، وزير المالية، وزير النقل، وزير المياه والكهرباء، رئيس ديوان المظالم، رئيس ديوان المراقبة العامة، ورئيس هيئة الرقابة والتحقيق لدراسة تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق والرفع بالنتائج والتوصيات.
• في 12 جمادى الأولى، رفع صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية محضر اللجنة العليا لخادم الحرمين الشريفين، ليصدر أمرا في 26 جمادى الأولى العام الماضي، بإحالة جميع المتهمين في هذه القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي، للتحقيق فيها، واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.
• تضمن أمر خادم الحرمين استكمال التحقيق مع بقية من وردت أسماؤهم في التقرير أو المطلوب سماع أقوالهم أو من يتطلب التحقيق استدعاءه في فاجعة السيول.
أبرز الاتهامات للمسؤولين عن الفاجعة
• استغلال النفوذ الوظيفي.
• إساءة استخدام السلطة.
• التربح من الوظيفة العامة.
• الاستيلاء على المال العام.
تسلسل زمني
• 25 نوفمبر 2009 : بداية الفاجعة.
• 30 نوفمبر 2009 : أمر ملكي بتشكيل لجنة التحقيق وتقصي الحقائق.
• ديسمبر 2009 : إيداع 40 شخصاً غرف التوقيف على خلفية التحقيق في الكارثة.
• 20 فبراير 2010 : بدء صرف تعويضات المنازل والمحلات والأثاث.
• مارس 2010 : خادم الحرمين الشريفين يتسلم تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق.
• مايو 2010 : أمر ملكي بإحالة المتهمين في تداعيات الكارثة إلى هيئتي التحقيق والادعاء العام والرقابة والتحقيق.
• يونيو 2010 : الأمير خالد الفيصل يكرم 5 آلاف متطوع ومتطوعة.
القرار الملكي بالتحقيق
• إحالة المتهمين في تداعيات الكارثة إلى هيئتي التحقيق والادعاء العام والرقابة والتحقيق.
• فرز أوراق مستقلة لكل من وردت أسماؤهم في التحقيق وليس لهم علاقة مباشرة بمسار الفاجعة وإحالتهم لجهات التحقيق المختصة.
• تدرج "الداخلية" جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد.
• تتولى "الشؤون البلدية" فتح وتمديد قنوات تصريف السيول الثلاثة حتى مصاب الأودية شرقاً وتمديد القناة الشرقية لتصب في شرم أبحر.
• تزيل إمارة مكة المكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية جميع العوائق أمام جميع العبارات والجسور القائمة وتحرير مجاري السيول إما بقنوات مفتوحة أو قنوات مغطاة.
• تعمل وزارة العدل على استصدار نظام متكامل للتوثيق.
• تعالج وزارة المياه والكهرباء وضع بحيرة الصرف الصحي والعمل على التخلص منها نهائياً خلال عام من تاريخه.
• إيقاف تطبيق المنح والبيع والتعويض وحجج الاستحكام على الأراضي الواقعة في مجاري السيول وبطون الأودية.
• تعمل هيئة الخبراء بمجلس الوزراء على تطوير أنظمة الرقابة والضبط.
تداعيات فاجعة جدة الأولى
• 123 متوفى ، و30 مفقودا، و21 جثة مجهولة.
• إحالة 302 شخص و30 شخصية اعتبارية تمثل شركات ومؤسسات ومكاتب استشارية إلى الجهات المختصة.
• أصدرت "المالية" 10805 شيكات لأضرار العقار والأثاث و8101 شيك لأضرار المركبات.
• 26 مكتبا قضائيا في المحكمة العامة لاستلام ملفات صرف الشيكات.