لم تقنع المحتجين السوريين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أمس والمتمثلة باتخاذ مراسيم تشريعية تقضي بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي.

فقد شارك أكثر من 2000 شخص في تظاهرة احتجاج ضد النظام في مدينة بانياس الساحلية مرددين هتافات "لا إخوانية (إخوان مسلمين) ولا سلفية.. احنا طلاب حرية".

وتأتي هذه التطورات عقب خطاب لمفتي سورية الشيخ أحمد حسون ألقاه أمام أهالي مدينة الصنمين، المجاورة لمدينة درعا (جنوب) مركز الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، دعا فيه إلى التهدئة وسط هتافات تشدد على الحرية وعلى الاستمرار بالاحتجاج.




أقر مجلس الوزراء السوري أمس مشاريع مراسيم تشريعية تقضي بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي، وذلك عقب التظاهرات والمواجهات التي شهدتها بعض المدن السورية منذ 15 مارس الماضي، حيث سقط العشرات من المواطنين بين قتيل وجريح، فيما دعت واشنطن سورية لوقف العنف ضد المتظاهرين.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن "مجلس الوزراء أقر مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في سورية".

وتأتي هذه التطورات المتسارعة بعد أن وعد الرئيس السوري بشار الأسد بإصلاحات سياسية خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأسبوع الماضي. كما تأتي عقب خطاب لمفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون ألقاه أمام أهالي مدينة الصنمين، المجاورة لمدينة درعا (جنوب) مركز الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، بثه موقع الفيديو يوتيوب أمس دعا فيه إلى التهدئة وسط هتافات تشدد على الحرية وعلى الاستمرار بالاحتجاج.

وقال المفتي في كلمته "لا تدعوا الغضب يذهب بالحق فنحن نصر على أخذ الحق بأخلاقنا وشيمنا وكرامتنا وآداب العشائر"، مشيرا إلى أن "الحرية هي أن نتحد مع بعضنا لأخذ حقوق هؤلاء الأطفال والجرحى". وهتف الحاضرون الذين قاطعوا خطاب المفتي في غير مرة "حرية حرية" و"الموت ولا المذلة".

في غضون ذلك استمرت التحركات في أكثر من مدينة في سورية، حيث قتل عنصران من الجيش أحدهما ضابط برتبة عقيد برصاص مجموعات مسلحة في حمص (160 شمال شرق دمشق).

وقال مصدر مسؤول لوكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أمس ، "إن مجموعات الغدر والإجرام المسلحة في حمص أقدمت أمس على ارتكاب جريمة جديدة بإطلاق النار على العقيد الركن محمد عبدو خضور وإصابته في الرأس والصدر وهو متوجه إلى عمله ما أدى إلى استشهاده".

وأضاف المصدر أن "المساعد الأول غسان محرز تعرض إلى طلق ناري وهو يقوم بواجبه، ما أدى إلى استشهاده أيضا".

وكان مصدر رسمي أعلن مقتل ثلاثة ضباط في الجيش السوري أول من أمس أحدهم مع عدد من أفراد عائلته بيد "مجموعات مجرمة مسلحة" في حمص التي شهدت تظاهرات احتجاجية أسفرت بحسب ناشطين حقوقيين عن مقتل أحد عشر متظاهرا الأحد برصاص قوات الأمن السورية.

واتهمت وزارة الداخلية السورية "مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية" لا سيما في مدينتي حمص (وسط) وبانياس (شمال غرب) "بقتل عناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم".

ومن جانبها أكدت وزارة الداخلية السورية أنها ستعمل بكل حزم لفرض استتباب الأمن والاستقرار على كافة أرجاء الوطن "وملاحقة الإرهابيين أينما وجدوا لتقديمهم للعدالة وإنهاء أي شكل من أشكال التمرد المسلح".

وقالت في بيان أمس "إن مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإطلاق النار لترويع الأهالي. وقطع الطرق العامة والدولية إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس حيث دعا بعضهم علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد مطالبين بإقامة إمارات سلفية".

وقالت الوزارة إن ما قامت به هذه المجموعات المسلحة يشكل جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات ويظهر أن الهدف من نشر إرهابها في ربوع سورية هو التخريب والقتل وبث الفوضى بين الأهالي وترويعهم مستغلين مسيرة الحرية والإصلاح "الذي انطلقت عجلته في برنامج شامل ضمن جداول زمنية محددة أعلن عنها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية للحكومة الجديدة".

وأضاف البيان ، الذي صدر مساء أول من أمس ، أن الوزارة لن تتساهل مع "النشاطات الإرهابية" لهذه المجموعات المسلحة التي "تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب والرعب" بين المواطنين.

وأهابت الوزارة بالمواطنين ضرورة الإبلاغ عن "أوكار الإرهابيين والمشبوهين" وعدم السماح لهم بالاندساس بين صفوفهم واستغلال مناخ الحرية "لسفك الدماء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة".

وفرقت قوات الأمن السورية بالقوة اعتصاما شارك فيه آلاف الأشخاص في حمص بوسط سورية للمطالبة بسقوط النظام، على ما أفاد ناشطون حقوقيون أمس مشيرين إلى إطلاق نار "كثيف".

وكانت المعارضة اعتبرت أن وعد الرئيس بشار الأسد بإلغاء قانون الطوارئ في الأيام المقبلة غير كاف ودعت إلى التعددية الحزبية والإفراج عن المعتقلين السياسيين.