سيكون من الظلم إصدار الحكم على المنتخبات الكبيرة، التي تعاني في بطولة كأس العالم الحالية، قبل الجولة الأخيرة من مباريات دور المجموعات، لأن معظم هذه المنتخبات ستتأهل في النهاية إلى دور الـ16 وربما يتطور مستواها بمرور الوقت في البطولة.

وفي النهاية، ربما ينجح أحد المنتخبات، التي أنتقدها هنا، في أن يفوز بلقب كأس العالم.

والحقيقة أن جميع المنتخبات تواجه صعوبات، المنتخب الإسباني والإنجليزي والفرنسي والألماني، وحتى المنتخب البرازيلي.

إنها بطولة غير معتادة. هناك عديد من التفسيرات والأعذار لذلك ومنها فترات الإصابة التي عانى منها لاعبون مثل البرازيلي كاكا والإسباني فيرناندو توريس والإنجليزي واين روني على سبيل المثال.

ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك. لدي تفسير واحد أساسي وهو أن المنتخبات الصغيرة أصبحت أفضل والمنتخبات الكبيرة أصبحت أضعف مما كانت عليه في الماضي.

والآن، أثق في أن هناك من سيعترض على ما أقوله، لأن أحد المنتخبات الكبيرة سيتقدم في النهاية (ليحرز اللقب)، ولكن علينا النظر بتمعن أكبر إلى المنتخبات الآسيوية مثل كوريا الشمالية واليابان وكوريا الجنوبية التي تلعب كرة جميلة ويمكنها المنافسة مع أفضل المنتخبات.

وقبل عقود قليلة وحتى قبل نهاية القرن الماضي، كان الوضع مختلفاً بالتأكيد، فكانت هناك فجوة هائلة وواضحة بين منتخبات أوروبا وأمريكا الجنوبية من ناحية وباقي منتخبات العالم من ناحية أخرى. والآن أصبحت جميع المنتخبات قادرة على المنافسة، المنتخب الأمريكي ومنتخبات أمريكا الوسطى والجميع.

ولذلك سيكون ردي مجدداً على هذا التطور هو أنني أعتقد أن القوى الكروية الكبرى تراجعت خطوة للخلف، فيما تقدمت المنتخبات الصغرى خطوة إلى الأمام.

والآن، لم تعد هناك فوارق، وهو شيء نراه بوضوح وبساطة. المنتخبات الكبيرة تبدو مصدومة، ونتيجة لذلك نرى منها بعض العروض الهزيلة.

سأستخدم هذه المرة المنتخب الفرنسي كمثال، فالجميع يجب أن يدركوا الآن أن الفريق يعاني من مشكلة بعدما شاهدناه يخسر مباراته الثانية في البطولة أمام المكسيك صفر/2.

الجميع يبدون وأنهم يلعبون لأنفسهم. إن الفريق أصبح بلا روح. أجراس الإنذار تبدأ عندما يتوقف اللاعبون، الذين تألقوا في بطولات سابقة، عن العدو وراء الكرة بعد فقدها.

لست قريباً من المنتخب الفرنسي بالدرجة الكافية، ولكن استبعاد المهاجم نيكولا أنيلكا من صفوف الفريق بسبب تعليقاته على ريمون دومينيك، المدير الفني للفريق، يبدو إشارة واضحة تماماً على وجود مشكلة في الفريق.

لن أنتقد المنتخب الإنجليزي هذه المرة بعد تعادله السلبي مع الجزائري، لأن جميع المنتخبات الكبيرة تراجعت خطوة إلى الوراء. المنتخبات التي سميت في الماضي بالفرق المتواضعة وصلت الآن إلى نفس المستوى.

ولنأخذ المنتخب الهولندي مثالاً، حيث كان مرشحاً بقوة قبل بداية البطولة لكنه عانى لتحقيق الفوز على الياباني، واحتاج لكثير من الحظ من أجل ذلك. ومن حسن حظ البطولة الحالية أنها شهدت عدداً من أخطاء حراس المرمى، فلو لم تحدث مثل تلك الأخطاء لشهدت البطولة عدداً أقل من الأهداف.

ما أؤكده هنا ليس نزعة وإنما تطور ملموس وقوي. هناك أوقات في الماضي كانت معظم الدول تسمح بوجود اثنين فقط من اللاعبين الأجانب في كل من أنديتها. وبمجرد أن انفتحت أوروبا، انضم عدد هائل من اللاعبين الآسيويين إلى الأندية الأوروبية وتعلموا كثيراً.

كما يمتلك اليابانيون في بطولة الدوري الياباني أسلوب الدوري الاحترافي المتبع في أوروبا والذي جذب لاعبين ومدربين من أوروبا وأمريكا الجنوبية.

ويؤثر في، كمواطن ألماني، أن أشاهد المنتخب الألماني يخسر أمام نظيره الصربي وهو منتخب دولة كانت جزءا من يوغسلافيا السابقة التي دائما ما كانت تفرز لاعبي كرة قدم متميزين.

ودائماً ما كنت بعيداً عن انتقاد الحكام، لكن الحكم الإسباني ألبرتو أونديانو، الذي أدار هذه المباراة، اشتهر بكثرة إنذاراته. عندما تشهر البطاقات الصفراء لأبسط الالتحامات فإنك تهز روح كرة القدم.

إنني أساند معاقبة الأخطاء والخشونة ولكن هذا الرجل يحتاج للإجابة على بعض الأسئلة المحرجة على إشهار تسع بطاقات صفراء في مباراة نظيفة وليست مشتعلة أو متوترة على الأقل.

ويجب على المنتخب الألماني أن يتغلب على نظيره الغاني حتى لا يواجه احتمالات الخروج من البطولة. وإذا خسر المنتخب الألماني، ستكون المرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم التي يخرج فيها الفريق من دور المجموعات.

ورغم ذلك، كان المنتخب الألماني، الذي تغلب في المباراة الأولى على أستراليا 4/صفر، هو الأفضل في مباراته أمام صربيا رغم أنه لعب بعشرة لاعبين بعد طرد ميروسلاف كلوزه.

يمكنني أن أقول ذلك بالتأكيد عن المنتخب الأرجنتيني ويمكنني أن أقدم إليه بعض الثناء والإشادة. المنتخب الأرجنتيني بدا قويا في مباراتيه اللتين فاز فيهما على نيجيريا 1/صفر وعلى كوريا الجنوبية 1/4 رغم أن الكوريين أظهروا احتراما فائقا لفريق دييجو مارادونا.

المنتخب الأرجنتيني بدا كفريق جماعي. الفريق يتمتع بالثبات والتكوين الجيد. ويبدو الفريق رائعاً لأنه يمتلك لاعباً لا يوجد في أي فريق آخر، وهو ليونيل ميسي.

وبفضل ميسي نجم برشلونة، ظهرت المساحات أمام باقي المهاجمين. وبفضل ميسي، نجح جونزالو هيجوين في تسجيل ثلاثة أهداف (هاتريك) أمام كوريا الجنوبية. في الدوري الإسباني يتنافس ميسي وهيجوين ولكنهما يتعاونان سويا في كأس العالم.

يذكرني ذلك بعض الشيء بمونديال 1986 بالمكسيك عندما كنت مسئولا عن منتخب ألمانيا الغربية ووصلنا للمباراة النهائية. كنا نركز جميعا على مارادونا بينما كان باقي اللاعبين يسجلون الأهداف.